للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فدار بهم الزائر في خطوات، وحواهم بطرف في نظرات، وقبض الدهر هذه العصور المتطاولة في كلمة واحدة: (الماضي). . .

وفي الدهليز الذي إلى اليمين سنان رمح كان للإمبراطور جستنيان، وبركار كان للمعمار سنان. قلت لنفسي: شتان ما بين السنانين هذا للحرب والفناء، وهذا للعمران والبقاء. قد فنيت آثار سنان جستنيان، وللفناء كان طعانه، وبقيت آثر بركار سنان، وللبقاء كان بنيانه. وحسب سنان خلودا هذا الجامع الرائع والأثر العظيم الذي يدل على الصانع: جامع السلطان سليمان. على أن هذه اليد الماهرة المعمرة شادت في أرجاء المملكة أربعمائة بناء (عمر المعمار سنان أكثر من مائة عام وتوفى سنة ٩٩٦ ودفن في الجامع الذي ينسب إليه في استنبول) وبعد هذين صورة تمثل الأمير البطل عبد القادر الجزائري وهو يقابل القائد الفرنسي بعد معاهدة تفنة سنة ١٨٣٨م

وفي الطبقة الثانية تماثيل كثيرة تمثل رجال الدولة وخدم الملوك في أزيائهم القديمة. فهذا شيخ الإسلام على أريكة قد جلس أماه أعوانه، وهذا قاضي العسكر بجانبه قاضي مكة وآخرون. وهذا أغادار السعادة، وهذا قزم كان يضحك السلاطين، وهذه صور الانكشارية في أزيائهم العجيبة، وهذا الجلاد واقفاً كالقضاء ينفذ أمر السلطان - صور من التاريخ مبكية مضحكة، وفي هذه الطبقة خرائط مجسَّمة تمثل القسطنطينية وما يحيط بها، وألواح فيها آيات من القرآن أو كلمات مأثورة. . .

وبعد فحسبي اليوم هذه السطور. ولعل الرسالة الآتية تبلغك عما قليل، والله يرعاك والسلام عليك

استنبول ٣ أغسطس سنة ١٩٣٧

عبد الوهاب عزام

<<  <  ج:
ص:  >  >>