للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القوة، لا أن تحل النغمات القوية وحدها محل النغمات الرقيقة، فأنا إن فعلنا ذلك كان الأدب أبعث على الحياة، وأحفظ للقوة، فطمئن نفسك ولا تأس على شاعر طال ليله وأرق جفنه حبيب أعرض عنه وابتسامة احتجب عنه نورها، فمن يدرينا لعل الحب كله من واد واحد، فمن أحب فتاته أسرع استعدادا لأن يحب أمته، ويحب ربه، ومن تحجر قلبه لم يبك على شيء.

وبعد فموقف (الرسالة) كما أفهم من مبادئها يجب أن يكون الدعوة إلى تكميل النقص في الأدب العربي، وحث قادته على أن يطرقوا من الأبواب ما نحن في أمس الحاجة إليه حتى يكون أدبنا صورة تامة لنا، وحتى يكون غذاء كافيا لمختلف عواطفنا، يجب أن يكون موقفها - فوق الموقف الأدبي، موقف المصلح، فترفض أن تنشر الأدب الساقط المرذول، المضعف للخلق، المفسد للرجولة، ولكن يجب كذلك أن تفسح صدرها لنوع من الأدب لا هو بالقوي الذي تتطلب الاقتصار عليه، ولا هو بالضعيف المائع، هو أدب الحب العف، والفكاهة الحلوة البريئة، والهزل يشف عن جد، والمزح مبطنا بعظة، ونحو ذلك، ففي التزام الجد خروج إلى الجفاء، وانحدار إلى الجمود.

هذا إلى أن الرسالة يجب أن تكون بجانب دعوتها إلى الإصلاح سجلا للنزاعات الأدبية على اختلاف أنواعها ما لم تكن النزعة مستهترة، تميط قناع الحياء، وتخرق حجاب الحشمة.

وأخيرا لك الشكر (يا أخي) على ما حوى كتابك من غيرة صادقة، وعاطفة نبيلة، وما أثرت من موضوع يستحق العناية، ويدعو إلى طول التفكير.

أحمد أمين

<<  <  ج:
ص:  >  >>