للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن تهيئة الأعمال للعاطلين وفتح الأسواق للأعمال والتجارة، ومحاربة الصناعات المحتكرة، وتخفيض مستوى العيش؛ مثل هذه الجماعة أو الحكومة ليست جديرة في نظره بالبقاء والحياة، وليست بالأخص جديرة لأن تخاصم وتناضل أنواع الحكم الأخرى

ويشرح الكاتب نظرياته بأمثلة عملية من حوادث التاريخ الحديث والمعاصر؛ ويرى في المسألة الإسبانية ومسألة الصين أعظم ميدان لاصطدام القوتين الخصيمتين، ويحمل بشدة على سياسة الدول الديمقراطية في هاتين المسألتين، ويرى فيها دلائل الاضطراب والضعف. وفي اعتقاده أنه ليس ثمة ما يحمل الدول الديموقراطية على كل هذه التقديرات الخطيرة التي ترتبها على مقابلة الهجوم بمثله، وإنه قد يكون الخطر في الميدان الدولي أقل بكثير إذا قامت الدول الديموقراطية بعمل ما مما لو استمرت في موقفها السلبي الحاضر

روح العصر في معرض باريس

كانت المعارض إلى عهد قريب تعنى بإبراز البهارج التي تلفت الأنظار، وتثير إعجاب البسطاء، وإن عنيت أحياناً بعرض مدى التقدم الذهني في أمة من الأمم. ففي المعرض البريطاني الذي أقيم في عام ١٨٥١ أنشئ هذا البيت العظيم الجميل الذي أطلق عليه (القصر البلوري)، والذي دمره الحريق أخيراً وكان دائماً آية ذلك المعرض، وحامل ذكراه للأجيال؛ وفي معرض باريس الذي أقيم عام ١٨٨٩ أنشئ برج إيفل، وكانت النزعة التي تمخض عنها نزعة فرعونية كالتي حدت بزوسر وخوفو وخفرع إلى بناء الأهرام، وإلا فقد كان الفولاذ الذي أستخدم في بناء هذا البرج كافياً لبناء أسطول صغير يدفع بعض الأذى عن فرنسا. أما في معرض باريس الأخير (١٩٣٧) فقد تجلى روح العصر، وتناسى العارضون بعض هذه العنجهية التي كانت تجعلهم يبنون القصر البلوري ويقيمون برج إيفل. هذا وإن يكن المعرض الأخير يفوق كل المعارض السابقة رونقاً وعظمة وجلالا. وأحسن ما يشهد لهذا المعرض بتفوق روح العصر هذه الدار العظيمة التي أقيمت في المعرض، والتي أطلق عليها (دار الاستكشاف) والمراد الاستكشاف العلمي الذي تدين له الحضارة الحديثة بكل ما تتيه به على غابر القرون. فقد حشدت في هذه الدار الهائلة جميع الاستكشافات التي أدت إلى تقديم الإنسانية، وخطت بالعالم أشواطاً بعيدة نحو الكمال. وهي مع ذاك لم تهمل الاستكشافات القديمة التي كانت سبباً مباشراً أو غير مباشر لما أبدعته

<<  <  ج:
ص:  >  >>