للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تلبس المغافر على رؤوسها والتجافيف على أبدانها. وفي شعر أبي الطيب:

حواليه بحر للتجافيف مائج ... يسير به طود من الخيل أيهم

ثم ترى قوائم أعلام يعلم الله ما شهدت من ظفر وهزيمة، ثم بنادق من عصور مختلفة فيها المحلى بالصدف الذي يضرب بالزند والصوان، وفيها بنادق القلاع الثقيلة، وضروب أخرى كثيرة.

- ٢ -

تركنا خزانة السلاح وسرنا حتى اجتزنا الباب الثالث إلى رحمة واسعة، ويفضي الباب إلى رواق مستطيل مع الجدار، وعلى الباب من الداخل كتابة وثلاثة ألواح مستديرة فيها أسماء السلاطين وتواريخ ولايتهم ووفاتهم من عهد عثمان إلى محمد السادس وهي تشغل لوحين ونصف الثالث، وبقي الفراغ فيه ناطق بانتهاء الدولة.

وأمام الباب حجرة يتقدمها رواق. وهي حجرة العرض (عرض أوده سي) وكانت مجلس السلطان لمقابلة السفراء، ورجال الدولة أيام الأعياد وفيها سرير منجد تعلوه قبة من الخشب المصنع المزين وكان أثاث الحجرة وزينتها من آيات الإتقان والبذَخ ولكنها احترقت سنة ١٢٧٣ وبقي بعض آثارها.

وفي جانب الحجرة نافورة يقال إنها كانت تفتح حين يُسر السلطان حديثه حتى لا يسمع الذي في الخارج.

وفي الرواق الذي أمام الحجرة حجر من المرمر يقال إن قتلة السلطان سليم الثالث وضعوا جثّته عليه وأروها للصدر علمدار مصطفى باشا.

وتقدمت فملنا ذات اليمين إلى (الخزينة) وفيها من نفائس التاريخ وأعلاق الملوك ما يكل الطرف دون تأمله؛ الحجرة الأولى والثانية بهما أدوات الطعام والقهوة من الصيني الجميل في ندرة من الألوان، وفتنة من بدائع النقش، صحون وطسوت وأباريق وفناجين، وأدوات من البلور والنحاس المذهب، وخوانات من الفضة ومواقد الخ الخ.

هذه المرائي اللألأة تبهر العين حيثما توجهت فتشغل الناظر عن التفكير فيما وراءها من التاريخ. قلت ماذا أرى وماذا أدع؟ هذه للعابر متعة دقائق، وللباحث درس أشهر، وللمفكر عبرة الدهر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>