للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصدقوا بحلوى عيد الميلاد لم يجدوا حلوى غيرها! فماذا جاء به، وهو هو الذي كان يمر بصاحب هذا المنزل فلا يقرئه السلام من عظمة وكبرياء. . .! لقد كان فيه انقباض دائماً. . . وكان يشيح بوجهه عن أخوته من بني آدم. . . فماذا جاء به اليوم؟ ثم ما هذه السلة التي غطاها بورق كثيف؟ هذا تطور عظيم في حياة هذا الجار الجافي الغليظ المتكبر، فما باله يا ترى؟

- لقد شهدت يا سيدتي ما صنعت صباح اليوم، فتأثرت من عاطفتك الكريمة وإيثارك العجيب!

- عفواً يا سيدي. . . أشكرك.

- ولست ادري إذا كنت مخطئاً. . .

- مخطئاً في أي شيء. .؟

- لقد رأيت أن أقدم لصغارك شيئاً من الحلوى تعوض عليهم ما تصدقوا به. . . فلقد علمت منذ أيام أن زوجك الفاضل قد فصل من عمله لخطأ ارتكبه. . . وانتم لابد في ضيق مالي. . . فإذا تفضلت فأخذت هذا القدر القليل من المال أكون شاكراً.

وهنا. . . إحلولكت الدنيا بأسرها في عيني ألام، وضاع ما شعرت به منذ الصباح من الغبطة والبشر، وانقلب الهناء الذي غمر قلبها في عيد الميلاد هماً وغماً وابتئاساً!

- ماذا تقول يا سيدي؟

- أقول إنني شهدت ما صنعت للعائلة البائسة، وتأثرت جد التأثر من صنيعك الجميل، ومع ما أنت فيه من الضيق.

- وأنت ما شأنك وما أنا فيه؟

وارتبك الرجل وتلعثم لسانه، وانشأ يقول:

- لا. . . لا. . . شيء. . . فقط. . . أدرت أن أساعدك!

- على كل حال أنا أشكرك، ولكني أسائلك: هل بهذا الأسلوب تفهمون الخير أيها الأغنياء؟

- لا افهم ما تقولين!

- لا تفهم ما أقول، فكيف إذن فهمت أننا محتاجون، ولم تفهم أن جارتنا البائسة كانت في اشد العوز والحاجة إلى مساعدة أمثالك!

<<  <  ج:
ص:  >  >>