للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال في أحد أبياتها:

وإليكها بدويةً ... رقت لرقها الحضرْ

(الإسكندرية)

(? ? ?)

فردنند دلسبس ومحمد سعيد باشا

لفردنند دلسبس صفحة من تاريخ مصر الحديث تجمع بين مجده الباهر وشقاء المصريين بهذا المجد. . . وقد قرأنا كتاباً ألفه عن هذا الفرنسي الكاتب المؤرخ الكبير هـ. ج. سكونفليد وأصدره منذ أسابيع، وتناول فيه بطبيعة الحال نشأة دلسبس والصداقة المتينة التي كانت بين والده وبين عزيز مصر الكبير محمد علي. وأول مجيء دلسبس ليعمل قنصلاً لفرنسا (الذي نعرفه أنه عين مساعداً للقنصل الفرنسي في مصر) في الديار المصرية، وكيف قرأ كتاب المسيو لوبير مهندس الحملة الفرنسية عن مشروع شق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض إذ هو في المحجر الصحي قبل دخوله مصر. . . ثم الصداقة التي توثقت بين الأمير محمد سعيد وبين دلسبس والتي عقدت أواصرها (أطباق المكرونة!) تلك الأطباق التي كان لها الفضل الأكبر في شق قناة السويس. . . وقد أغرقنا في الضحك الممزوج بأشد الآلام عندما قرأنا ما ذكره المؤلف من حديث هذه المكرونة العجيبة وهو تخريج سيكولوجي عجيب يقفنا على الطرائق الحديثة في كتابة التاريخ، ومدى ما يلقف به المؤرخون براهينهم في تعليل الحوادث. . . فلقد ذكر المؤلف أن محمداً علياً لم يعجبه أن يرى ولده سعيداً ذا جسم ضخم كثير اللحم والشحم فحرم عليه ألوانا من الطعام وأمر إلا يقدم إليه شيء منها، ثم عهد به إلى فردنند ابن ماتيو دلسبس صديقه الحميم فعلمه ركوب الخيل وحبب إليه فنوناً من الألعاب والرياضة البدنية. . . ولكن هذه الرياضة كانت تجهد الأمير الصغير وتورثه جوعاً شديداً، ولم تكن مقادير الطعام التي تقدم إليه لترد مسغبته، فكان ينسرق من القصر ويهرول إلى منزل فردنند فتقدم له هناك أطباق المكرونة، فيقبل عليها إقبالاً شديداً. . . ومن هنا، تضاعف هيام سعيد بفردنند، فلما ولي أمر مصر بعد عباس، كان فردنند قد ترك القطر وتقلب في مناصب سياسية هامة أشهرها هذا المنصب

<<  <  ج:
ص:  >  >>