للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الأرض إعياءً. وقلت له: إن ما تحتاج إليه، هو الإجهاد؛ لقد أنهكت قواك البدنية في التفكير والتخيل والأحلام؛ فإذا ركضت ركضاً مكداً مجهداً فلا تلبث أن تشعر بالارتخاء والفتور فتنام؛ إنك لشدة ما فكرت، جررت نفسك إلى الخوف، بفكرك، وإنك لقادر على أن تفر منه بساقيك)

ولقد فعل!

قدمت إليّ والدة منذ أمد غير بعيد، هذا الملخص المهم لتاريخ حياتها: (كنت وأنا فتاة، تعروني مخاوف كثيرة تسبب لي قلقاً واضطراباً، منها الخوف من الجنون، ولقد استمرت هذه المخاوف حتى بعد زواجي. إلا أنه بعد مدة قصيرة، رزقنا طفلاً ثم انتهى بنا الأمر إلى أن أصبح لدينا ستة أولاد. ولما كنت أقوم بنفسي بجميع أعمالي البيتية كنت كلما بدأت أشعر بالقلق، أسمع بكاء الطفل أو نزاع الأطفال، فأبادر إلى تهدئة أحوالهم. أو كنت أتذكر فجأة بأن وقت الغداء قد حان، أو بأنه يتحتم عليّ أن أتم كي الملابس، فكانت المخاوف التي تنتابني تُقطع على الدوام بواجبات عائلية، وعلى مر الأيام تلاشت تدريجياً. وأنا الآن ألقي عليها نظرة لمجرد اللهو والسلوة)

وقد يكون مغزى هذه الحادثة ألا يكون للوالدين ستة أطفال، ولكن الميل إلى تقليل عدد أفراد العائلة وزيادة أوقات الفراغ، يؤدي، في الحقيقة، إلى توليد المخاوف. ومن الحقيقة أيضاً، أن الكثيرين ممن تلازمهم هواجس مقلقة، قد يجدون لذة جديدة في الحياة لو أنهم يهتمون بشئون أناس آخرين بواسطة الاشتراك في الأعمال الاجتماعية المحلية.

أنت لا تحب مثل هذه الأعمال؟

إذن، يجب أن تتذكر بأن كل خطوة في التغلب على الخوف تتطلب، في البداية، قوة إرادة

إن الذين تعلموا الغطس، مثلاً، يذكرون المصاعب التي أصابتهم. فأنت أول في الأمر، توازن نفسك ثم تميل إلى الأمام، فتتردد فترتد إلى الوراء خوفاً وهلعاً، ثم تحاول مرة ثانية فتنسحب. وأنت في كل تردد تزداد مخاوفك. وأخيراً تثور ثائرتك ويشتد غضبك من هذا الخور والجبن، فتقذف بنفسك دون أن تبالي بانحراف ذراعيك، أو تكترث لاعوجاج ساقيك. تصعد، بعد ذلك. كسيفاً مضطرباً، وتزداد حالتك سوءاً حين تسمع قهقهة أصدقائك وتشاهد سخريتهم. فلو أن مخاوفك، في هذه النقطة، حالت دون أن تقوم بمحاولات أخرى

<<  <  ج:
ص:  >  >>