للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أم تريد ذهباً تبيع به ابنتك؟

هذا دواء هذا المرض العضال. هذا حل المشكلة. فإذا لم تحلوها اليوم لا تنحل أبداً، إذا لم تداووا المرض اليوم يموت المريض. . .

فيا وجهاء هذا البلد، الوجاهة بالعمل النافع، وبالتقوى والإصلاح، لا بالمال ولا بالفخفخة الفارغة، ولا بالعظمة الجوفاء ولا بالمراتب العالية، فاعملوا أو فتنحوا عن أماكنكم لمن يعمل!

وإن من الحماقة التي ليس وراءها حماقة أن تبن الأسرة الثابتة على عاطفة متبدلة متحولة. من الحماقة أن يبنى الزواج على الحب. منذَ الذي يبني داره على كِثب من الملح في طريق السيل؟ الحب فراشة حلوة، فيها أجمل الألوان ولكنها لا تعيش إلا يوماً واحداً. الحب زهرة فوّاحة ليس لها في الروض مثيل، ولكنها تذبل عند أول لمسة. من رأيي في الحب أنه لا يكون إلا إذا كان أمل، وكان مع الأمل حرمان، كالكهرباء لا تضيء المصباح إذا التقى فيها القطبان المختلفان. أنت تحب المرأة لأنك لا تقدر عليها، فتسبغ عليها من خيالك ثوباً تراها فيه أجمل الناس، فإذا قدرت عليها، وخلعت هذا الثوب عنها، عادت امرأة كسائر النساء. انظروا إلى الزوجين الحبيبين في شهر العسل، وقد ذهبا يسيحان ينعمان بالخلوة الحلوة، في اجمل البقاع، أو أكبر المدن، تحسبوا أن السعادة قد جمعت لهما من أطرافها، ولكن اقتربوا منهما تروا أنها لا تمر إلا أيام حتى لا يجدا ما يتحدثان به، إلا حديث الأيام الأولى، يوم كان أمل وكان حرمان، ثم تمضي الليالي، وتبلى جدّة هذا الحديث، فلا يبقى بينهما كلام. . .

وماذا في لغة الحب، غير (أحبّكِ) و (أحبّكَ) رددها مائة مرة فإنكم تنامون. . .

فلنعلن إذاً أن بناء الزواج على الحب وحده لا يرضاه الإسلام، لأنه لا يرضاه العقل. . . فهل نعود إذن إلى طريقتنا الأولى: تخطب لي عمتي أو خالتي، وتنتقي لي الزوجة على رأيها، وأنزل أنا على حكمها، وأعلق مستقبلي بها، وأمضي العقد وأمشي إلى حفلة العرس، وأنا لا أعرف ما لون عين العروس وما شكل أنفها؟

هذه طريقة سقيمة عقيمة. . . فماذا نصنع إذن؟ ما هي الطريقة المثلى؟ هي يا سادتي طريقة الإسلام. إن الإسلام منح الخاطب (بعد أن يتم الرضا عنه، ويرجح جانب قبوله

<<  <  ج:
ص:  >  >>