للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للإنسانية منقذاً من ضلالتها يهديها سواء السبيل؟)

- (أراك تعرف بعض ما أعرف يا بني؛ وإنك لتستشرف إلى أمل قريب. إن نبيَّا قد أظلّ أوانه، إن لم يكن فكأن قد. . . يا ليت لي فسحة في العمر حتى أراه فأومن به! إن موجة الإصلاح ستمد مدها عما قريب من هذه الجزيرة العربية حتى تفيض على البشرية جميعها من برها خيراً ورحمة، وستغسل هذه الموجة أدران البشرية وتمسح على قلبها بالطهر القدسي حتى يمتلئ العالم سلاماً ومحبة. . .

(سيمتد بك العمر يا بني - إن شاء الله - حتى ترى هذا النبي، فلا تتلبثْ في اتباع دعوته، إنه يدعو إلى خير الدنيا وخير الآخرة. . . أتراك ستعرفه يا بني حين تلقاه إن وصفتُ لك من خبره. . .؟)

وآثر راهب الموصل جوارَ الله، وخلف الفتى الفارسيَّ وليس معه إلا ربه؛ فأزمع الرحلة ثالثة إلى نصيبين

وأقام (سلمان) عند راهب نصيبين ما شاء الله أن يقيم، لا يشغله من دنياه إلا ذكر الله، وأمل جياش يخفق به قلبه الكبير، أن يرى ذلك النبي الكريم الذي تُنميه الصحراء لينشر الخصب والرخاء في ربوع البشرية ويغسل نفوس الإنسانية من أدران الشهوات

ثم هاجر هجرته الرابعة إلى عَمُّورية بعدما فارق صاحب نصيبين إلى جوار ربه. . .

(. . . أي بنيّ، والله ما أعلم اليوم أحداً على مثل ما كنا عليه من الناس آمرك أن تأتيه بعدي، ولكنه قد أظل زمان نبي، وهو مبعوث بدين إبراهيم - عليه السلام - يخرج بأرض العرب، مهاجَرُه إلى أرض بين حَرَّتين، بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة. فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل. . .)

وأقام سلمانُ بأرض عمورية ما شاء الله وهو يعمل لمعاشه، وإن الأمل العذب في لقاء النبي العربي ليداعبه في يقظته وفي أحلامه؛ واجتمع له مما يعمل بقرات وغنيمة، فظل يترّبص حتى مر به نفر من تجار العرب، فساومهم أن يعطيهم بقراته وغنيمته ويحملوه إلى بلاد العرب. . . وسار الركب منطلقاً إلى الصحراء يحمل سلمان إلى أرض الميعاد. . .!

يا للفتى مما احتمل في سبيل الله!

خمس رحلات بلا زاد ولا مال، وليس له من أمل في دنياه إلا ربه، وكل شأن من شئون

<<  <  ج:
ص:  >  >>