للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتناولت فنجان القهوة، ورشفت منه رشفة ثم أعدته وقلت: (ويا سميحة، كلمة أخرى. . . إن من الخطر أن تتزوج المرأة رجلاً اصغر منها. . . واسمحي لي بأن أكون فظاً فان صداقتنا تعطيني هذا الحق، وأنت أعز علي من أن أهمل فتح عينيك على الحقائق. نعم، خطر كبير هذا، فان المرأة تفقد جمالها بأسرع مما تفتر عواطف الرجل وتضعف قواه)

قالت: (يكفي، فإني لا أجهل هذا)

قلت: (حسن. . . . إذن تعالي نتمشى)

ولكنها في الطريق لم تكن خيراً منها في البيت، كانت قلقة مضطربة على الرغم من تكلفها الابتسام، وحرصها على التظاهر بأن لا شيء يثقل عليها أو يكربها، فاضطررت أن أقول لها: (إن من واجب المرأة حين تحب رجلاً أن تحرص على إسعاده، كما تطلب أن يحرص هو على إسعادها، والرجل على كل حال لا يستطيع أن يفهم لماذا يكون هو المعطي والواهب والمضحي دائماً؟)

قالت: (إن كثيرين من الرجال يفعلون ذلك ولا يتململون)

قلت: (ندع انهم ليسوا رجالاً بخير معاني اللفظ، وندع أن فتاة مثلك لا يرضيها واحد من هؤلاء الرجال المهازيل، ويكفي أن أنبهك إلى أن هؤلاء الذين تذكرينني بأمرهم ساخطون ناقمون في قلوبهم، وانهم يحسون بأن عيشتهم سوداء، ولا يشعرون برضى حقيقي، وإن كانوا لضعفهم لا يجرءون أن يظهروا لنسائهم ما خفي من أمرهم عليهن، ولو أتيحت لواحد منهم فرصة التمرد لتمرد وجازف. . . وهذا يحدث كثيراً. . . ومجازفة الضعيف الخائف أفظع من مجازفة القوي المطمئن الواثق بنفسه. . . فلا تنسي هذا. . .)

قالت: (لماذا تتكلم هكذا. . . إني لا أحاول أن أتحكم فيه أو أسيطر عليه)

قلت: (قد يكون هذا صحيحاً، ولكنك تحاولين أن تمنعيه أن يرضى نفسه من ناحية لا تستطيعين أنت أن ترضيه منها. . . تحاولين أن تخطفيه من أصدقائه الذين يحس ويعرف أن به حاجة إليهم. . . إن الرجل ليس كالمرأة، وهو لا يفهم الحب كفهمها له، والحب ليس كل شيء في حياة الرجل، وإن كان كل شيء في حياة المرأة؛ ثم إنه شيء لا دوام له في الأغلب والفتور يعروه على الأيام؛ وهذا الاستحواذ الذي تغري به طبيعة المرأة ليست له ثمرة إلا إعلال من الجانبين. . . أظن أن كلامي ثقيل عليك جداً، ولكن ماذا أصنع وأنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>