للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَنْدَى على القلب الجديبِ فينثني ... روضاً يرفُّ بزهره وأَضائِهِ

والزهر في وَضَح الصبيحة قد صحا ... صحو المفيق من الكرى وقضائه

وجلت ذُكاءُ ندى الزهور كأَنها ... أم الوليد تزيل فضل بكائه

حتى إذا أشتد الهجير حسبته ... نشوان أثمله اللظى بسقائه

وإذا الأَصيل علا السماء حسبته ... ذا لوعة حانت نوى قربائه

وحمى على قُبَلِ الظلام ثغوره ... كمعَشَّقٍ مُتَسَتِّرٍ بردائه

وتراه يرنو للنجوم كأَنها ... حُلُمٌ يُطِلُّ عليه في حَوْبائِهِ

كالطفل يُبْصرُ في الوذيلة وجهه ... فيخال ذاك الوجه من قرنائه

تحكى النجومُ الزُّهْرُ في دوراتها ... رقصَ المدِلِّ بعيشه وروائه

والنجم من خَلَلِ الغصون كأَنه ... ثمرٌ تَدَلَّى من علىِّ سمائه

والحي يحيا كالذي هو ناظر ... كالأُفْقِ يُرْسَمُ في متون نهائه

والزهر يحلم بالفرادس طرفه ... حلم الغريب بأهله وفناَئه

حسب الطيور تحاملت عن قلبه ... وبدت تبوح بشجوه ورجائه

والقلب مرآة الزمان فصيفه ... في صيفه وشتاؤه كشتائه

والكون مرآة الفؤاد فقبحه ... وجماله في نحسه ورخائه

والضوء خمر للربيع فلا تَعَفْ ... جُرَعاً تُنيلُ الخلد من صهبائه

هذى الطيور لسانه وغناؤها ... مستأنف من شدوه وغنائه

والزهر في حر الهواجر نائم ... سحرته باللحظات عين ذُكائِه

والأرض تحلم بالجِناَنِ فصيفها ... حُلُمٌ يزيح القلب عن ضَرَّائِه

بَسَطَ الجمالُ على الفضاء جناحه ... فالصيف من لألائه وروائه

فكأَنه مَلَكٌ يُحَلِّقُ فوقها ... فتصيب من آلائه وعطائه

يا ليت أن المرء في أرجائها ... مُتَفَرِّقٌ في أرضه وسمائه

حتى يصير من الجمال بمنزل ... في مائه ونسيمه وهوائه

وتظل تسمو النفس في آفاقه ... كالطير حَلَّقَ في أديم قضائه

عبد الرحمن شكري

<<  <  ج:
ص:  >  >>