للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جلاء ساطع، كما أن الأدب الإسلامي لم يخرج عن الأوضاع الذي أورثه إياها الأدب الجاهلى، واقتصر أمر التوليد فيه على التنميق في الصيغ الشكلية

ويقيني أننا نتحرج إذا قضينا بأن الأدب العربي أو الإسلامي لم يعرفا الرمزية في تراثهما الكبير، إذ أن معين هذين الأدبين هو نفس المعين الذي أخذ منه الأدب الأوربي، ألا وهو النفس البشرية. وما برح البحث والاستقراء يتعقبان مخلفات الأدب العربي والإسلامي، وهى مخلفات، وياللأسف، ما برحت مشتتة في دور الكتب ما بين أوربا وأمريكا ليلقيا كل حين ضوءاً جديداً عليها

هذا والرمزية كما أسلفنا شئ كامن في النفس، تبدو صريحة كلما استشفها الرغبة الذهنية إلى التطلع إلى ما وراء المحسوس، وهو الباطن الغائر في أعماق النفس، أو كلما أحست النفس بهزيمة العقل أمام الغامض من الأمور. وها نحن أولاء في القرن العشرين، وهو قرن اصبحت للعلم فيه دولة، ومع ذلك فقد قامت نظريات جديدة تدحض نظريات علمية وفلكية اتفقت عليها الآراء وقطعت بصحتها منذ مئات السنين. وهناك بديهيات عديدة ما برح للعقل فيها حيرة. ولم يبالغ (بوانكاريه) حينما قرر أن تقدم العلم تقدم آلي عجيب، إلا أنه عجز عن أن يكشف الكشف الكامل عن كثير من الحقائق

الرمزية في الأدب العربي المستحدث

أما ما يحضر أذهاننا من آثار الرمزية في الأدب العربي المستحدث فينحصر في كتابات (جبران خليل جبران) وهو لبناني المولد عاش دهراً طويلاً من حياته في المهجر الأمريكي فتأثر بكثير من كتاب الغرب، واستقامت في كتاباته طريقة رمزية تخالطها نزعة رومانسية. وقرأنا بعد ذلك شعراً رمزياً في الأداء للدكتور بشر فارس وذلك منذ عشر سنوات في مجلة المقتطف

وفى مؤلفات (توفيق الحكيم) نلمح الرمزية لامعة في بعض ما أخرجه للمسرح، ولا سيما في روايته (شهرزاد). وليس في هذا ما يبعث على العجب، فلتوفيق الحكيم نزعة صوفية أصيلة، كما أنه احسن استيعاب مسرحيات الإيطالي (بيراندللو)، وهو ابرز مؤلفي المسرحية الرمزية في هذا العصر؛ وتفهم مسرحيات الفرنسي (لونورمان)؛ وليس مؤلفات (فرويد) و (بيرجسون) مما لم يحسن مطالعتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>