للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المخترعات]

وكتاب الفصول والغايات

لباحث كبير

(اللزوميات) هي عبقرية المعري في النظم، و (الفصول والغايات) هي عبقريته في النثر. والعبقريتان في أكثر المقاصد والمرامي تلتقيان. وفي هذه العبقرية (المعجزة الأحمدية) يقول أبو العلاء:

(إن شاء الملك قرب النازح وطواه، حتى يطوف الرجل في الليلة الدانية بياض الشفق من حمرة الفجر، طوفه بالكعبة حول قاف، ثم يؤوب إلى فراشه والليلة ما هّمت بالأسحار، ويسلم بمكة فيسمعه أخوه بالشام، ويأخذ الجمرة من تهامة فيوقد بها ناره في يبرين وقاصية الرمال)

وقد شاء الله أن يكون في هذا الزمان كل ذلك، فإن المرء ليسري من (الإسكندرية) طائراً إلى (قاف) سلع، الجبل في المدينة (يثرب)؛ ثم يؤوب ويأوي في فراشه والليلة ما همت بالأسحار، وطوفه حول (قاف) القصاصين و (قاف) بعض المفسرين - حول الكرة الأرضية - في يوم أو ليلة هو في الغد، و (مهما تعش تره)

وإن المصلي (أو غير المصلي) ليسلم في مكة فيسمعه أخوه في (سان فرنسيسكو) وأخوه الذي هو في (طوكيو)، ويسمعه كل صاحب (مِصْوان) في الأرض

وإن مركونى - وهو في سفينته في ميناء في إيطالية - قد أضاء بشرارة - لا بجمرة - مدينة (سدني) في أسترالية

هي العبقرية وهم العبقريون يقذفون بالقول فيفسره الدهر بعد أحقاب أو يحققه

وقد شاء الله (جلت قدرته) أن يجئ في هذا الزمان ما تخيله أبو العلاء في وقته

وقد شاء الله (عظمت منته) أن يظهر اليوم هذا الكنز العظيم: كتاب (الفصول والغايات) المكتنز بالفوائد، محققاً مضبوطاً مشكولاً مشروحاً يشرح الصدر، ويسر العين، ويبهج القلب، وينور العقل

وهذا القول في هذا الكتاب حق كله، ولم يهده مهد إلى فيقول الإهداء: هات الثناء. بل افتلذت، اقتطعت ثمنه (والله) من عيشي، ومن قوتي، وكنت لعقلي وروحي من المحسنين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>