للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتقريباً فيظن أن كل واحد إلى صاحبه قاصد، وفي الجانب الأيسر مثل ذلك)

وذكر ابن أبي الحديد في (شرح النهج) الكبير: (إنه كان على سيف عضد الدولة بن بويه وأبيه ركن الدولة صورة علي (رضي الله عنه)، وكان على سيف ألب أرسلان وابنه ملكشاه صورته)

وروى صاحب (النفح) عن بدر الدين بن الحسن الأربلي المتطبب وصف تصاوير في حمام رآه في بغداد في (دار الملك شرف الدين هرون بن أمازير الصاحب شمس الدين محمد الجويني) تدهش مبصريها، وتعجز واصفيها، وقد يجد الفتيان الشطار والمتفننون من رجال الليل ما يشبهها اليوم في بيوت في (باريس). . وربما لا يجدون. وهي الحضارة، وهو التفنن فيها. . . وهذا ما تسهل روايته من وصف الأربلي:

(وأبصرت مياهه وشبابيكه وأنابيبه المتخذ بعضها من فضة مطلية بالذهب وغير مطلية، وبعضها على هيئة طائر إذا خرج مها الماء صوت بأصوات طيبة. ثم أراني - يعني سائس الحمام - نحو عشر خلوات، كل خلوة أحسن من صنعة أختها. ثم انتهى بي إلى خلوة عليها باب مقفل بقفل حديد ففتحه، ودخل بي إلى دهليز طويل، كله مرخم بالرخام الأبيض الساذج، وفي صدر الدهليز خلوة مربعة، ورأيت من العجائب في هذه الخلوة أن حيطانها الأربعة مصقولة صقالاً لا فرق بينه وبين صقال المرآة، يرى الإنسان سائر بشرته في أي حائط شاء منها. ورأيت أرضها مصورة بفصوص حمر وصفر وخضر، ومذهبة؛ وكلها متخذة من بلور مصبوغ، بعضه أصفر، وبعضه أحمر؛ فأما الأخضر فيقال: إنه حجارة تأتي من الروم، وأما المذهب فزجاج ملبس بالذهب؛ وتلك الصور في غاية الحسن والجمال على هيئات مختلفة في اللون وغيره. وكل محاسن الصور الجميلة مصورة في الحائط)

وهذا خبر عن مصنف مصور في العلم قد أرصن تأليفه وتصويره أيما إرصان، وكأنه آخر ما قيل في أمريكة وأوربة في توضيح الكتب بالصور. وإني لأرويه مؤيداً ومسانداً المقالة الجديدة المفيدة: (التصوير التوضيحي في المخطوطات الإسلامية) التي أطرفها الناس في (الرسالة) الغراء الأديب المتفنن الدكتور أحمد موسى، والتي زينت لي تصوير هذه السطور:

<<  <  ج:
ص:  >  >>