للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- نحن نحزن عليه ونبكي. وتشق النسوة جيوبهن، ويلطمن ويندبن الميت

وهنا يحملق عبد الله البحري في صاحبه البري، ويستأذنه في أن يسترد الأمانة. وعند وصولهما إلى البر يقول له:

- لقد قطعت صحبتك وودك، فلن تراني بعد اليوم

- لم هذا الكلام؟

- ألستم يا أهل البر أمانة الله؟

- نعم

- كيف يحزنكم أن يأخذ الله أمانته؟ وكيف أعطيك أمانة النبي وأنتم إذا أتاكم المولود تفرحون به، وقد أودع الله الروح فيه أمانة. فإذا استردها تندبون وتولولون؟ كلا، ما بي حاجة إلى صحبتكم بعد اليوم يا أهل البر!

ويختفي عبد الله البحري وسط الأمواج

ويعود عبد الله البري إلى صهره الملك يقص عليه ما رأى من عجائب البحار

وقد لبث زمناً طويلاً يذهب إلى الشاطئ ينادي صاحبه عبد الله البحري فلا يلبي النداء

وتنتهي القصة بالصيغة التقليدية إذ تقول بأنه أقام والملك نسيبه وأهلهما في أسعد حال، حتى أتاهم هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وماتوا جميعاً. فسبحان الحي الذي لا يموت، ذي الملك والملكوت

أما أن الموت مفرق الجماعات فليس من شك في ذلك. ولو أنه يشترك في هذا مع الحياة ذاتها، فقد تكون الحياة مفرقة الجماعات، ويمتاز الموت عنها بأن تفرقته نهائية لا مرد لها في هذه الدنيا

وأما أن الموت هادم اللذات، فهو أيضا نهاية الآلام. وصاحب أو أصحاب قصص (ألف ليلة) هم آخر من يتكلمون عن اللذات، وعن أن الموت هادمها. فإن أبطال قصصهم يلاقون الأهوال، ويعانون آلام النوى والبعاد والفقر، وغير هذا من متاعب الحياة. نعم إن القصص تنتهي في الغالب إلى خاتمة سعيدة، يحاول المؤلف أن يلقي في روعنا دوامها حتى مجيء مفرق الجماعات وهادم اللذات، إلا أن هذا أمر نشك في صحته كثير الشك

وهذه مسألة ثانوية على أية حال. والأهم لنا أن نكشف عما في قصة (عبد الله البري، وعبد

<<  <  ج:
ص:  >  >>