للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العهد ذاع صيته وملأ الآفاق. ولقد كان مثل موزار في ذكائه المشتعل في صباه المبكر، ويظهر أن القواعد الابتدائية للفن قد نقشتها الطبيعة في عقله فما كان منه إلا أن يشعر بتطلبات الظروف مثل مبادئ العقل والأخلاق

ولقد قال أستاذه هولزر: (بماذا أستطيع أن أفيده؟ إذ حينما أريد أن أعلمه شيئاً وجدته عالماً به من قبل). ولرخامة صوته وذكائه الموسيقي عين منشداً في كورس كنيسة الإمبراطور وانتظم في سلك طلبه المعهد الموسيقي الملحق بها إلى أن خرج منه سنة ١٨١٣، ثم جعله والده مساعداً له في مدرسته ولبث فيها ثلاثة أعوام ولما كثر المعجبون به أرادوا أن يعرفوه للناس فأرسلوا جانباً من الليدر التي كتبها إلى جوته ولكنه لم يرد عليهم، فلم ييأسوا وأرسلوها إلى المغني الشهير ميكاييل فوجل فدهش منها وطفق يحضرها ويغنيها

وفي سنة ١٨١٨ استدعاه الكونت استر هازي ليعلم ابنتيه فذهب إلى قصر بالمجر وقضى فيه الصيف في هناءة وسرور معجباً بتلميذتيه. إن أعظم المراجع التاريخية لم تذكر شيئاً عن غرام شوبرت بكارولين ابنة الكونت استر هازي والبعض قال: إن هذه الإشاعة مشكوك في صحتها إذ لم يؤيدها أحد وغاية الأمر إنهم استنتجوا هذه الإشاعة من عناوين بعض القطع كالوداع وغيرها

وفي نوفمبر سنة ١٨١٨ رجع إلى فينا ورفض متابعة التدريس وطرده والده، فأواه أصدقاءه وتدبرا له في شراء بيانو. فكان يستيقظ مبكراً ويبتدئ التلحين في الساعة السابعة صباحاً ويستمر إلى الأولى بعد الظهر في الخلاء أو في المدينة أو في نزهة أو في المقاهي، وكان يمضي السهرة كلها مع أصدقائه الحميمين مثل: وو وو وغيرهم. وكانت هذه الفئة من الموسيقيين والشعراء يصرفون الليل في إلقاء الشعر والغناء، ويشربون ويمرحون، وكانت كؤوس الجعة تدور طول ليلهم وفي بعض الأوقات يرقصون، وكانت حفلات الشباب هذه الأدبية يعيدها شوبرت إذ كان لها بمثابة الروح للجسد، وأطلق عليها أسم: (شوبرتياد)

وقال صديقه (كنا جميعاً أخوة أصدقاء) وكان شوبرت يحب أصدقاءه حباً جماً حتى أنه كان يسكن معهم ويشاطرهم ملابسه ونقوده. وكان يحب اجتماعات الفتيات ويرتاح لسمرهن ولكنه كان يتحاشى أن يقع في حبائل الحب أو يعكر صفوه وخياله بآلامه لأنه كان يطمح

<<  <  ج:
ص:  >  >>