للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والصفات الذاتية والجسمانيات ونحو ذلك مما لا يخفى على من له أدنى أنس بالأدب، ولكنا استهجنا تبديل ألفاظهم فمن كلم قوماً كلمهم باصطلاحهم)

وقد روى أبو العلاء هذا البيت في (رسالة الغفران) لسُحيم:

رأيت الغني والفقير كليهما ... إلى الموت يأتي الموت للكل معمداً

لكنه قاله في (الرسالة) قبل ذلك: (وكذلك قوله: الكل (أي قول ابن القارح) إدخاله الألف واللام مكروه، وكان أبو علي يجيزه ويدعي إجازته على سيبويه، فأما الكلام القديم فيفتقد فيه الكل والبعض)

وفي (المصباح): (قال الأزهري وأجاز النحويون إدخال الألف واللام على بعض وكل) وتجويز نحوي لا يثبت عربية قول بل يجيز أن يقوله المولد وإن لم يرد

فقولهم: (قتل البعض إحياء للجميع) مولد محدث، وقد روى الجاحظ في كتاب الحيوان هذا القول: (وقد قالوا: بعض القتل إحياء وبعض العفو إغراء، كما أن بعض المنع إعطاء. وهو كلام حسن من حكم المولدين المنشئين

وقال أبن الأثير في (المثل السائر): وهو - أي الإيجاز بالقصر - أعلى طبقات الإيجاز مكاناً، وأعوزه إمكاناً، وإذا وجد في كلام بعض البلغاء فإنما يوجد شاذاً نادراً. فمن ذلك ما ورد في القرآن الكريم (ولكم في القصاص حياة) فان قوله تعالى (القصاص حياة) لا يمكن التعبير عنه إلا بألفاظ كثيرة. ولا يلتفت إلى ما ورد عن العرب من قولهم: (القتل أنفى للقتل) فان من لا يعلم يظن أن هذا على وزن الآية، وليس كذلك، بل بينهما فرق من ثلاثة أوجه) ثم ذكرها ثم قال: (وقد صاغ أبو تمام هذا المعنى الوارد عن العرب في بعض بيت من شعره فقال:

وأخافكم كي تغمدوا أسيافكم ... إن الدم المغبر يحرسه الدم

فقوله: إن الدم المغبر يحرسه الدم أحسن مما ورد عن العرب من قولهم: القتل أنفى للقتل)

وممن مشى وراء غيره في نسبة العبارة الفارسية إلى العرب يحيى بن حمزة صاحب (الطراز) فقد قال: (ومن هذا قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة) فانظر إلى اللفظة الجميلة كم يندرج تحتها من المعاني التي لا يمكن حصرها، ولا ينتهي أحد إلى ضبطها، فأين هذا مما أثر عن العرب من قولهم: القتل أنفى للقتل وقد تميزت الآية عنه بوجوه

<<  <  ج:
ص:  >  >>