للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

انتروبولوجية كما حاول أن يثبتها بعض مفكري القرن التاسع عشر، إنما هي ترجع لأسباب طارئة على المحيط الطبيعي والبيئة الاجتماعية فلهذا لا يرد علينا بما كتبه المناظر في الرد على غوبنيو.

٣ - إن الفلسفة الإسلامية التي ظهرت على يد الفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم من أعلام الفلسفة الإسلامية ليست شرقية الروح لأنها وليدة الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني. ويمكنك بكل سهولة أن تنزل بخطوط فلسفة فلاسفة الإسلام لأصولها عن أفلاطون وأرسطو وفلاسفة الإسكندرية من الأفلوطنيين، فمن هنا لا يعترض علينا بأن هنالك من الفلاسفة الشرقيين من علقوا إرادة الخالق بسنن الوجود وقوانين الكون. كذلك لا يعترض علينا بالجانب العلمي من الثقافة السلامية لأنها نتيجة الأخذ بأساليب الفكر اليوناني.

هذه أوليات ألفت إليها الأنظار حتى أكفي نفسي مقدماً الرد على ما سيثار حولها من رد وجدال.

قد يكون من الأهمية في مكان أن أستطرد قليلاً هنا وأنقل بعض فقرات من الأستاذ الحكيم استشهد بها على صحة ما أرى من الفرق بين منزع الفكر الغربي وطابع الذهن الشرقي.

يقول الأستاذ توفيق الحكيم:

(إن الشرق قد حل معضلة وجود أغنياء وفقراء وسعداء وتعساء على هذه الأرض في يوم ما، هذا لا ريب فيه. إن أنبياء الشرق قد فهموا أن المساواة لا يمكن أن تقوم على هذه الأرض وأنه ليس في مقدورهم تقسيم مملكة الأرض بين الأغنياء والفقراء فأدخلوا في القسمة مملكة السماء، وجعلوا أساس التوزيع بين الناس الأرض والسماء معاً، فمن حرم الحظ في جنة الدنيا فحقه محفوظ في جنة السماء. هذا جميل. ولو استمرت هذه المبادئ وبقيت هذه العقائد حتى اليوم لما إلى العالم كله في هذه الأتون المضطرم).

إن مذاهب الغرب حينما نزلت الميدان تحاول إصلاح الحياة ألقت قنبلة المادية والبغضاء واللهفة والعجلة بين الناس. لقد أفهمت الناس أنه ليس هنالك غير الأرض، يوم أخرجت السماء من الحساب، ذلك أن علم الاقتصاد الحديث لا يعرف السماء. أما أنبياء الشرق فقد القوا زهرة الصبر والأمل في النفوس يوم قالوا للناس لا تتهالكوا على الأرض، ليست الأرض كل شيء. إن هنالك شيئاً آخر غير الأرض يدخل في التوزيع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>