للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عامة إلى الأدباء عامة؛ وكانت بريد الزيات إلى الرافعي، فتعارفا وأتلفا وإن لم يلتقيا وجهاً لوجه. . . ومضت أشهُر. . .

وتصفَّحتُ الرسالة ذات مساء من صيف سنة ١٩٣٣؛ فإذا فيها كلمة عن (أوراق الورد) للزيات، يجيب فيها فتاة سألته أن يرشدها إلى شيء مما كتب أدباء العربية في رسائل الحب. ومضت فترة وكتبت الفتاة (عفيفة السيد. . .) رأيها في أوراق الورد فعابتْه ونزلت به منزلة. وكان الرافعي في هذه الأثناء بعيداً عن طنطا يصطاف في (سيدي بشر)، وكان عليَّ في هذه الفترة، والرافعي بعيد عن ميدان الأدب في مصطافه، أن أجمع له كل ما يهمه أن يقرأ مما كتبت الصحف؛ فلما قرأت ما كتب الزيات وما ردَّت به الفتاة، قصصته من صحيفته وبعثت به إليه في سيدي بشر ومعه رسالة مني. . . وقرأ الرافعي ما بعثت إليه، فانتضى قلمه وكتب كلمة للرسالة يردَّ بها رأي الفتاة. وكانت كلمة قاسية لم يجدها الزيات إلا فصلاً من (على السفود) لا تقوى على لذعاته الفتاة الناعمة. . . فطوى الزيات كلمة الرافعي ونشر كلمة في الرسالة يعتذر بها إليه وإلى القراء، ويرجوه بهذه المناسبة أن يكتب للرسالة شيئاً من منثور أوراق الورد. . . ولم يجب الرافعي هذه الدعوة إلا بعد بضعة أشهر

كانت كلمة الرافعي إلى (عفيفة السيد) عن أوراق الورد هي أول ما أنشأ للرسالة من مقالاته، ولم تنتشر. ثم سعى إليه يوماً شاب من المرتزقين بمراسلة الصحف اسمه (يوسف. . .) وكان الرافعي يعطف عليه ويعينه على العيش بما يحسن إليه؛ وإذ كان الرافعي لا يملك ما يحسن إليه بالمال - والمال في يده قليل - فأنه كان يحسن إليه بما يملي عليه من رسائل الأدب، ليأخذها فيبيعها إلى بعض المجلات فيستعين بما تدفع إليه من ثمنها على حاجات الحياة، وهو ضرب من الإحسان على قدر طاقة الرافعي!

. . . جاءه هذا الشاب يسأله ويطلب منه الجواب: (لماذا لا تعالج القصة؟)

وأملى عليه الرافعي جوابه، فذهب فنشره في الرسالة بعنوان (فلسفة القصة). وكانت أول ما نشر للرافعي في الرسالة

ثم كان عيد الهجرة بعد ذلك بقليل، فطلبت الرسالة إلى الرافعي أن يكتب فصلاً للعدد الممتاز؛ فأنشأ مقالة (وحي الهجرة في نفسي)؛ وهو فصل كان يعتز به الرافعي اعتزازاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>