للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شوقي]

توارد الخواطر

لأستاذ جليل

قصد شاعرنا (أحمد شوقي) وهو تلميذ باريس يطلب (علم الفقه) فيها على علمائها ليرجع إلى مصر قاضياً أو مِدْرها (محامياً) وقد فطره الله شجاع الجنان جبان اللسان مثل الرضيّ (الموسويّ) (محمد بن الطاهر) القائل:

جناني شجاع إن (شعرت) وإنما ... لساني إن سيم النشيدَ جبان

وفخر الفتى بالقول لا بنشيده ... ويروي فلان مرة وفلان

وفي باريس الفاتنة الساحرة هذه قال شوقي قصيدة (خدعوها) وفيها هذان البيتان:

يوم كنا (ولا تسل كيف كنا) ... نتهادى من الهوى ما نشاء

وعلينا من العفاف رقيب ... تعبت في مراسه الأهواء

وقد قال شاعر قديم الأبيات الآتية وهي في الجزء الرابع من (طبقات الشافعية الكبرى) غير منسوبة إلى أحد:

ما على عاشق رأى الحِبّ مختا ... لا كغصن الأراك يحمل بدرا

فدنا نحوه يقبل خدي ... هـ غراماً به ويلثم ثغرا

وعليه من العفاف رقيب ... لا يُداني في سنة الحب غدرا

وهذه الأبيات لم تُر في ذاك الوقت في غير (الطبقات) ولم تكن المطبعة - وشوقي ناشئ أو شاب - قد أظهرت ذلك الكتاب. فهل قرأها شوقي في الطبقات المخطوطة؟ وهل كان يطالع مثل هذه المصنفات في حداثة سنه أو رآها في كتاب مطبوع غير الطبقات أم هذا من توارد الخواطر؟

أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري يقول في كتاب الصناعتين: (قد يقع للمتأخر معنى سبقه إليه المتقدم من غير أن يُلم به، ولكن كما وقع للأول وقع للآخر. وهذا أمر عرفته من نفسي فلست أمتري فيه، وذلك أني عملت شيئاً في صفة النساء: سفرن بدوراً وانتقبن أهلة، وظننت أني سبقت إلى جمع هذين التشبيهين في نصف بيت إلى أن وجدته بعينه لبعض البغداديين فكثر تعجبي، وعزمت على ألا أحكم على المتأخر بالسرق من المتقدم حكماً حتماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>