للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقل إنها تساوى وزنها من كريم الجوهر

فإنما الحياة هنا هي مقياس التقويم والتقدير، وما أحسب شيئاً في هذا العالم إلا ومرجع تقويمه إلى حظه من الحياة

وإلا فكم يساوى القصر المشيد إذا لم يشعر به الساكن فخامة وزهواً وجمالا وطمأنينة وراحة، ولم يشعر به الناظر هيبة واستحساناً ورغبة؟

وكم تساوى السيارة إذا لم يشعر بها راكبها ولم يشعر بها ناظرها ولم يشعر بها من يملكها ومن يتمناها؟

إنما (الاقتصاد) الصحيح هو اقتصاد (الفنان) لا اقتصاد السماسرة وحملة السهوم ومديري المصارف والشركات

إنما الاقتصاد الصحيح هو الذي يقومَ هذا القنطار الثمين فإذا هو أثمن من كل قنطار في معادن هذه الدنيا، لأن ما يحويه من ذخائر الشعور أكبر وأنفس من كل مملوك ومذخور

وإنه ليرخص بالشعور كما يغلو بالشعور. فدع قنطارنا هذا الثمين يهيم حباً بمن شغل عنه، ثم أنظر كم يكون له من ثمن، وكم يكون له من وزن وكم يكون له في رأي نفسه من حساب وتقويم!

وما ندري أمن حسن الحظ أم من سوئه كما يقولون أننا نشعر بالقصور ولا تشعر بنا القصور!!

وإلا فلو وهبت كل قنية ثمينة نفسا تريد هذا المالك ولا تريد ذاك فماذا يبقى من الأثمان؟ وماذا يبقى من البيع والشراء؟

هذا القصر يبذل نفسه لمن يريده بغير ثمن، ويأبى أن يأوي إليه شارٍ غيره ولو بذل فيه ألوف الألوف؛ فهو تارة بدرهم وتارة بالألوف المؤلفة من الدنانير، وهو تارة أخرى بالمجان لمن لا يسومه حتى بهذا الثمن الرخيص

إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الشعور هو (وحدة) التقويم والتسويم في كل ما نملك وما نريد، وأن الذين يشبعون من الحياة هم أغنى الناس وأعظم أصحاب الثراء، وان لم يعرف لهم اسم في خزانات المصارف ودفاتر الشركات

أنت يا بنية ذخيرة في الحياة

<<  <  ج:
ص:  >  >>