للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه العقلية العربية وجزالة اللفظ قوة الأسلوب وضخامة التعبير في كثير من الأحيان. ويظهر أن رأيه أن يخدم الأدب العربي العالي بانتقال القراء إليه لا أن ينزل هو إلى القراء ويتملقهم، ويفني شخصيته فيهم، لذلك عهد إلى بعض تلاميذه يشرح الديوان

وأبرع ما ترى في شعره تصويره لشخصية مليكنا الشاب فاروق الأول. وقد تغلغل شعره في نهضة هذه الأمة الكريمة وفضل الأسرة العلوية عليها كقوله في (التاجية الكبرى) التي أنشدها في تتويج مولانا الفاروق:

لله يومك والضياء يعمّه ... فعشيه سِيان والأبكارُ

يومٌ تمناه الزمانُ وطالما ... مدّت إليه رءوسَها الإعصارُ

حامت نسور النصر حول جيوشهم ... حتى كأنّ غُبارها أوكارُ

وقوله في العيد المئوي لوزارة المعارف

فأتاها (محمدٌ) جَدّ (إسما ... عيل) بالخصب مورقاً والحياةِ

هل رأيت النجم الذي يُبهرُ العي ... شَ ويمحو دياجر الظلماتِ

هل رأيت الآمال بعدَ نفار ... واقتبال الشبابِ بعد فواتِ

شاعران في مصر سجلا عزها القديم والحديث، ونثرا على صفحات الأوراق أمجاد العرب والفراعنة في صورة جميلة جذابة ومنطق قويّ خلاب هما شوقي والجارم؛ كلاهما أحس بأمجاد الآباء، وامتزاج روحهم بمصر الحديثة، واتخذ من ذلك سبيلاً إلى إنهاض الشباب وحفز الروح الوطنية والعزة القومية

ولكن شوقي شغف بمصر القديمة بقدر شغف الجارم بمصر العربية والحضارة الإسلامية؛ هما نشأتان في طريقين مختلفين إحداهما في طريق مختلطة اتصلت ببيت الملك والعرش أيما اتصال، وعرش مصر تراث عربي فرعوني. ذلك مجال شوقي.

والأخرى في طريق خالصة للعروبة تمت إلى الدين واللسان العربي بأقوى الأسباب منذ الصبا إلى يوم الناس هذا. ذلك مجال الجارم. وكلاهما يغرف من بحر العربية الأكبر، وتطاوعه ثقافته العربية الواسعة فيلعب بالألفاظ لعب الرياح بالأعواد

اقرأ قصيدته بمناسبة انقضاء خمسين سنة على دار العلوم وأنا ضمين لك أن أعطافك ستثب مع أعطاف الشاعر حين كان يلقيها ومنها مخاطباً دار العلوم: -

<<  <  ج:
ص:  >  >>