للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البيت لمحمد بن بشير الخارجي وهو من شواهد النحاة المشهورة ولا مطعن عليه. لكن الشاعر لا يريد الحظوة بل أراد معنى آخر فضاق باللفظ، ولم يوفق إلى غرضه فاضطر أن يضمن (حظي) معنى (ظفر) ونقل الفعل عن أصله، وحوله عن دلالته فلم تبق الكلمة حظي بل ظفر وسقطت حجة أزهري

وقد نص النحاة في شرح البيت على ما ذكرناه من معنى التضمين، ويدل عليه أن بشار بن برد لما أراد هذا المعنى وأطلق العبارة لم يستعمل حظي بل قال:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفانك اللهج

أما قول صاحب أساس البلاغة فلا دليل فيه لأعضاء المجمع بل هو من دليلنا نحن، لأننا ننكر الاستعمال ونستهجنه مقيداً باعتبارين: الأول أنه من أعضاء مجمع اللغة، والثاني أنه في كلمتهم المرفوعة إلى جلالة الملك

وبعد هذا نقول (لأزهري): إن سجعة الزمخشري التي استدل بها هي كأكثر سجع الرجل في كتابه من الكلام الغث البارد الذي لا وزن له، وقد سمّي الرجل كتابه أساس البلاغة ولم يسمه أساس اللغة)

قلت: قال الأستاذ الرافعي (رحمه الله): وهو (أي بيت محمد بن بشير) من شواهد النحاة المشهورة

والشاهد فيه حذفه حرف الجر من (مدمن) ومثل ذلك جائز. ويحذف هذا الحرف في المعطوف على ما تضمن مثل المحذوف وإن انفصل عنه بلا كقوله - وهو من شواهدهم -

ما لمحب جَلَدٌ أن يهجرا ... ولا حبيب رأفة فيجبرا

ولبيت بشار المذكور في (الرد) حكاية لطيفة رواها أبو الفرج وابن الخطيب:

غضب بشار على سَلم الخاسر، وكان من تلامذته ورواته فاستشفع عليه بجماعة من إخوانه، فجاءوه في أمره، فقالوا: جئناك في حاجة، فقال: كل حاجة لكم مقضية إلا سلماً. قالوا: ما جئناك إلا في سلم، ولا بد من أن ترضى عنه لنا، فقال: أين هو الخبيث؟ قالوا: هاهو ذا. فقام إليه سلم فقبّل رأسه، ومثل بين يديه وقال: يا أبا معاذ، خريجك وأديبك. فقال: يا سلم من الذي يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>