للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مائة دجلة من الدمع القاني - وانه لدمع نقطر به الاهداب نارا. هذه دجلة تضرم قلبها الحسرات، فهل سمعت بماء تحرقه الجمرات؟ أسعد دجلة بالبكاء كل حين، واجعل لها زكاة من دمعك وان يكن البحر يأخذ الزكاة منها. لو مزجت دجلة آهاتها بحرقة قلبها لا نقلب نصفها جمدا، ونصفها للنار موقدا هلم فناد الإيوان بلسان الدمع حينا بعد حين فلعل قلبك يستمع جواب الإيوان الحزين. ان هذه الشرفات لا تفتأ ترسل إليك العظات فأصخ واحسن الاستماع إليها: إنها تقول: أنت من التراب، ونحن هنا من ترابك، فامنحنا بعض خطواتك، ولا تبخل علينا بعبراتك. إن برءوسنا صداعا من نعيب البوم فهات من دمعك الجلاب، وخفف عنا هذه الهموم. قد كنا مجالس للعدل وقد أصابنا من جور الزمان ما ترى، فكيف بقصور الجائرين ماذا أعد لها من النوائب؟ ما الذي نكس هذا الإيوان الذي يحاكي الفلك؟ احكم الفلك الدائر، أم قضاء مدير الفلك القادر؟

أيها الضاحك من عيني الباكية! تقول ما يبكيه ها هنا. إن العين التي لا تبكي هنا جديرة أن يبكى عليها. هلم فتمثل الإيوان والكوفة معا، ثم سعر من القلب تنورا وأفض من العين طوفانا. . . ذلك الإيوان الذي نقشت خدود الرجال على تراب عتبته جدارا من الدمى والصور. وتلك هي السدة التي كان يقف بها ملوك الديلم وبابل، والهند والتركستان. تصور ذلك العهد، وانظر بعين الفكر تر الصفوف مترادفة، والمواكب متزاحمة.

لا تعجب فليس عجبا أن ترى في بستان هذه الدنيا أسراب البوم بعد البلابل، وزفرات البكاء بعد ألحان الغناء. . . . سكرى هذه الأرض، فقد شربت مكان الخمر دم قلب أنوشروان في كأس من رأس هرمز. تقول أين ذهب أصحاب التيجان واحدا إثر واحد. فانظر فهذه الأرض حبلى بهم إلى الأبد. . . ان دم قلب شيرين هذه الخمر التي تشربها، وهذا الدن الذي يضعه الدهقان ماء برويز وطينته. كم ابتلع هذا التراب من أجساد الجبابرة ثم لا يزال نهما لا يشبع. .!!

إن القادمين من السفر يأتون بالهدايا لإخوانهم. وهذه القصة هدية إلى قلوب الأخوان. يا خاقاني استجد العبرة على هذه الأبواب ليقف الخاقان مستجديا على بابك. اهـ

عبد الوهاب عزام

<<  <  ج:
ص:  >  >>