للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التشريع المصري والتشريع الإسلامي]

للأستاذ عباس طه

سجل العلامة الكبير المستشار عبد السلام ذهني بك في بعض المجلات العلمية بحثاً مستفيضاً ضافي الذيول والمرامي يتلخص في ضرورة تجميع الفقه الإسلامي في مختلف ما تكشفت عنه قرائح الأئمة المجتهدين ونحا نحوه الفقهاء من الأحرار الباحثين، ثم مقارنة مستفيضة بين الفقه الروماني وأثره في بضعة قرون ووفائه بحاجة المعاصرين يومئذ ونهوضه إلى مستوى سد حاجة الناس في باب المعاملات والأحوال الشخصية، ثم كيف استطاع أن يكون أثره في الخلود طويلاً ووفاؤه بحاجة الناس عاما، ثم بضرورة وضع موسوعة تتسع لآراء الباحثين من الأئمة المشترعين كما فعل في عهد جستنيان الخ

ونحن العلماءَ في الفقه الإسلامي نحمد لعزته تلك الألمعية وغيرته الفياضة على تراث المسلمين أن يذهب بدداً وأن تتحكم في أساليبه ومراميه وصياغته فئة من غير الناطقين بالضاد حتى أحالته ترثاً مهلهلاً لا يشفي علة ولا ينفع غلة. وبقى ذلك الداء العياء يتغلغل في أزهى عصور التاريخ وأغنى عهوده بالعلماء، فما انفرجت شفتان عن ضرورة تجميع هذا التراث الموروث عن أئمة الدين الذين أخرجوا إلى الإنسانية خير ما يقتدي به الناس في أمر معاشهم ومعادهم، وما يحكم حركة التعاون بين أفراد النوع الإنساني ويقيمها على أسس من الخير صالحة لا يتطرق إليها وهن ولا فساد

لكني أسائل أولئك الذين يكتبون حول هذه الموضوعات: ماذا يريدون بهذا التجميع؟ أيريدون بذلك أن تجمع أقوال الفقهاء المشترعين والأئمة المجتهدين في سفر واحد تراثاً مزيجاً من الآراء الفقهية بين رجل اجتهد وكد لينشئ له مذهباً ثم عاد فرجع عنه أو بقي ولكنه على وهن، وذلك شائع في مذهب الإمام مالك وأبي حنيفة، ففي هذين المذهبين أئمة اشتغل علماء الفقه الإسلامي بالتعقيب على آرائهم الفقهية فباتت غير صالحة لاستهداء الناس بها والسير على مناهجها - وبين آخر صح اجتهاده، وقام على منارة الحق سداده، ولكنه ابتلى بفريق من المعتنقين لمذهبه اشتغلوا بتجريح غيره من المذاهب والإشادة بمذهبه دون سواه، فبقى طلاب الحقيقة في قطع من الليل البهيم يتلمسون لهم ما يكشف الحقيقة في صميمها ويرد الواقع إلى نصابه؟ أم يريدون أن يجمع الصحيح من أقوال الأئمة المجتهدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>