للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البحث عن غد]

للكاتب الإنكليزي روم لاندو

للأستاذ علي حيدر الركابي

- ٤ -

الفجر في سورية

حديث الدكتور الكيالي

إن وزير المعارف والعدلية الدكتور الكيالي رجل قصير القامة ذو شكل عادي لا يوجد في كلامه أو مظهره ما يميز عن غيره. ولما زرته لأول مرة في مكتبه في (السراي) وجدته شديد التحفظ والخجل، ولكنه فيما بعد بينما كنا نتناول طعام الغداء معاً شعر باهتمامي الزائد فخرج من تحفظه وحدثني حديثاً شائقاً إرضاني أكثر من أي حديث آخر في زيارتي سورية. وقد تبين لي من حديثه أن اهتمامه بروح الأشياء أعظم من اهتمامه بالأشياء نفسها. قال:

(إنه لا خوف على الناحية الفكرية من التعليم في سورية. فالسوريون أذكياء، وقد هضم شبابنا القسم العلمي من منهجهم الدراسي بسرعة، إلا أننا نجد صعوبة في إيجاد واسطة تعبر تعبيراً صحيحاً عن الدافع الروحي وراء ميولهم. ولا شك أن هذا لا يتحقق إلا بإدخال الروح الديني الصحيح على المعارف العامة)

وتوقف الدكتور الكيالي لحظة كأنه يتساءل عما إذا كنت قد صدمت بعبارة كهذه يتفوه بها رجل تربى تربية علمية، ولكنه لما رأى إمارات الموافقة على وجهي استرسل في حديثه وقد زاد حرارة عن ذي قبل. قال:

(ما هو الدين؟ وهل هو عبارة عن دخول المساجد أو إطاعة قوانين الكنائس؟ قد يكون الدين الذي من هذا النوع ضرورياً لغير المتعلمين الذين لا يعرفون ما يمكن جنيه من نتاج الأفكار والعلوم الحديثة. إلا أن هناك نوعاً آخر أبعد نظراً من هذا، ألا وهو السعي الروحاني وراء شيء أسمى من المادة. والرغبة في هذا السعي موجود في كل واحد منا وإن خنقها التعليم المغلوط وجمود القواعد الدينية المقررة عند الطوائف المختلفة. ويمكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>