للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصناعية وتزايد طلب القطن، وكانت زراعة القطن أمراً مرهقاً، لم ير الجنوبيون خيراً من إلقائه على كاهل العبيد؛ ولذلك كان نظام العبيد عندهم أمراً يتعلق بكيانهم ومن ثم كانت سياستهم تدور على هذا المحور الاقتصادي، فكانت بذلك مسألة حياة أو موت. . .

أما أهل الشمال فلم تكن بهم حاجة إلى الزنوج، وما كانوا يستخدمون عندهم في أغلب الأحيان إلا خداماً في المنازل؛ وأملت عليهم ثقافتهم فلسفة إنسانية فكرهوا نظام العبيد واشمأزت منه نفوسهم ودارت سياستهم أول الأمر على هذا المحور الإنساني فكانت بذلك في نشأتها مسألة عاطفية

على أنه كان للمسألة وجه أخر فقد اعتبر عدد العبيد من عدد سكان الولايات عند تقدير عددها للتمثيل النيابي في المجلس التشريعي الأدنى كما نص الدستور، وعلى ذلك فقد أشفق أهل الشمال من تزايد عدد العبيد في الولايات، الأمر الذي يتهدد نفوذهم

وتطورت بعد ذلك مسألة العبيد على النحو الذي أسلفناه، فتزايدت كراهية الكثيرين من الشماليين لذلك النظام حتى تحولت إلى مقت، وظهر من بينهم دعاة إلى التحرير؛ وما زال يعظم خطر تلك المسألة حتى باتت كبرى المسائل

وولد الحزب الجمهوري فكانت مبادئه وسطاً بين مبدأ الجامدين ومبدأ أنصار التحرير، فهو يرى ألا تزداد ولايات العبيد حتى ينقرض ذلك النظام على مر الأيام. ولقد كان إبراهام من زعماء ذلك الحزب الوليد، وهو وإن كان من أشد الناس سخطاً على نظام العبيد إلا أنه آثر الحكمة خوفاً على بنيان الاتحاد؛ فبقاء الاتحاد عنده في المحل الأول من اهتمامه

ولكن مسألة الاتحاد ومسألة العبيد ما لبثتا أن تداخلتا حتى أصبحتا في الواقع مسألة واحدة؛ فلقد فكر أهل الجنوب في الانسحاب من الاتحاد حينما اختير إبراهام للرياسة وحينما أيقنوا أن الحوادث مفضية إلى القضاء على العبودية، وما كانوا يريدون من الانسحاب إلا أن يزيدوا عدد العبيد كما يشاءون. . .

وأنكر إبراهام عليهم حقهم في الانسحاب؛ فهو لن يبخل بشيء في سبيل المحافظة على الوحدة؛ ولكنهم مضوا في سبيلهم لا يلوون على شيء ولا يستمعون إلى رأي؛ حتى نفذوا ما اعتزموه ثم عولوا على أن يجمعوا أنفسهم بالقوة إذا أدت الحوادث إلى ذلك

وكان جيفرسون زعيمهم يقرر حق الولايات في الانسحاب متى أرادت، بينما كان لنكولن

<<  <  ج:
ص:  >  >>