للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخلاص.]

للشاعر الهندي رابندرانات طاغور

من كتاب ظهر حديثاً بعنوان (الزورق الذهبي).

ترجمة الأستاذ عبد المسيح وزير

(الأستاذ عبد المسيح وزير أحد كتاب العراق القليلين الذين يتتبعون تطور الثقافة الحديثة بشغف ولذة. وهو المترجم الفني لوزارة الدفاع العراقية، وصاحب الأثر الحميد في مصطلحاتها العسكرية ومغذي أكثر الصحف بالأبحاث العلمية والأدبية.)

تجلس العاشقة المنكوبة في حبيبها إلى حديقة أزهار تفتحت عن رائع زهوها. فتجبل لمعشوقها الراحل تمثالاً من طين يبرز رويداً رويداً في شبه الصورة المحفوظة في ذاكرتها.

تتفرس في التمثال ثم تحدق إلى الماضي فيجول الدمع في عينيها.

وفي كل يوم ينزل ظل متكاثف يكتنف الصورة المنقوشة في لوح قلبها. فالرسم الذي كانت تراه بالأمس بارزاً جلياً تلفيه اليوم متضائلاً مموهاً. وكما تطبق الزنبقة وريقاتها ليلاً تسدل العاشقة الستار على ذكرى غرامها.

تثور سورة غضبها على نفسها. ويأخذ الخجل مأخذه كله منها. فتعمد إلى التقشف. فتعيش على الثمار والماء، وتنام على أديم الأرض.

وكلما دنا التمثال من الكمال بعد عن شبه الصورة المكنونة في ذاكرتها. ويخيل إلى العاشقة أن ذلك التمثال لا يشبه صورة إنسان على الأرض، ولكنها تخدع نفسها فتحسبه شبه الحبيب الذي فقدته إلى الأبد.

تعبد التمثال مع عبادتها الزنابق. وتوقد حوله سرجاً مصوغة من ذهب. فيعبق المكان بالرائحة المنبعثة من زيت السرج. وتتراكم الأزهار والشموع يوماً فيوماً حول التمثال إلى أن يختفي. يتقدم إليها طفل ويقول: (نريد أن نلعب هاهنا).

- (أين؟)

- (بجانب دميتك)

<<  <  ج:
ص:  >  >>