للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على أن أعلى مثال للقصة الساخرة كان ولم يزل؛ مائلاً في (كرنفال كوميتون ماكنزي) وقيمتها الخالة ترتكز على ما فيها من دراسة صادقة حية لشخصية البطل، ولكني لم يكن يعنيني كثيراً منها ومن أمثالها من قصص هذا الطراز الساخر سوى بعض العبارات الملونة التي تتمتع بقسط أوفى من قوة الإفصاح وصرامة التعبير. وإني لأذكر حين كنت في مستقبلي أتحدث إلى إحدى صاحباتي ممتدحةً قصة (الكرنفال) كيف أن صديقتي قالت في أسلوب رائع من النقد الفني (أجل. . . هذا المؤلف يستطيع أن يكسو الصفحة من الورق منظراً طبيعياً ساحراً). . . وقد أغْلَى هذا من طمعي، وحسبتني مستطيعة أن أكسو - أنا الأخرى - صفحتي منظراً طبيعياً ساحراً! جعلت أتخيّله، بألوانه، وظلاله، ومشاهده، ولم تكن هذه المحاكاة يسيرة ولا قريبة المنال، فأن التزامها كان يقتضيني ثلاثة أمثال ما يلزمني من الوقت!

كنتُ إلى أن بلغت الحادية والعشرين، أُعَني بكتابة المسرحيات وحدها. لأنني كنت أودُّ حينذاك أن ألعب أدواراً في مسرحياتي إذا أخرجَتْ! وكذلك كنت أكتب الأشعار، ومن قصائدي واحدة اسمها (هنا مضحكون آخرون) لا أزال أرويها إذا ألحَّ عليها طلب حار؛ ولكنه لا يوجد! كما أنني كتبتُ ثلاث أقاصيص قصيرة حملتها بنفسي إلى محرر (المجلة القصصية) وكان في ذلك الوقت (ر. سكوتلاند ليدل). ولقد كان - على غير متوقُّع مني - إنساناً لطيفاً. انصرفتُ من حضرته بعد أن وعد بنشر أقاصيصي، وبعد أن أمضينا وقتاً طيباً في حديث طيب. وفي بضعة الشهور التالية لم أسمع شيئاً عن هذه الأقاصيص، ثم لقيت الرجل مصادفةً في شارع (أكسفورد) وما كاد يراني حتى أخبرني بأن أقاصيصي جميعها قد ظهرت في مجلته، وأنه كان الأيسر أن أترك له عنواني كي يبعث إلي بثمن ما نُشر لي!

وبعد، فقد أستطيع التحدث عن بدء كتابتي (القصة) بمعناها الصحيح. ولحسن الحظ أن الثامنة والأربعين تنظر إلي الحادية والعشرين بعطف وإشفاق، وفي غير فزع! كان الدافع لي على الكتابة هو تلك الخاتمة الفاجعة الأليمة التي انتهى بها (حُبِّي) الذي حسبت أن لا نهاية تنتظره! والذي كان غراماً شعرياً إلى غير حد!

كان (تشارلس) غضَّ السن، جذاباً ذكيَّ الفؤاد. . . التقينا في بعض حدائق (ميدنهد) ثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>