للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأبواب المختلفة وكان الحديث قليلاً في العراق فاستكثروا من القياس ومهروا فيه فلذلك قيل: (أهل الرأي)

وإنما كان أهل الحجاز أكثر رواية للحديث من أهل العراق لأن المدينة دار الهجرة، ومأوى الصحابة ومن انتقل منهم إلى العراق كان شغلهم بالجهاد وغيره من شؤون الدولة أكثر.

ومذهب أهل العراق كان يقصد إلى جعل الفقه وافيا بحاجة الدولة التشريعية فكان همه: أن يجعل الفقه فصولا مرتبة يسهل الرجوع إليها عند القضاء والاستفتاء، وكان همه أن يكثر التفاريع حتى تقوم بما يعرض ويتجدد من الحوادث. لا جرم كان مذهب أهل الرأي مذهب الفضاء، وكان أئمة قضاة كأبي يوسف، ومحمد. وكان أهل الحديث يعيبون أهل الرأي بكثرة مسائلهم وقلة رواياتهم

وسئل رقبة بن مصقلة عن أبي حنيفة فقال: (هو أعلم الناس بما لم يكن، وأجهلهم بما قد كان، وقد روى هذا القول عن حفص بن غياث في أبي حنيفة: يريد أنه لم يكن له بآثار من مضى) عن كتاب مختصر جامع بيان العلم

ويروى ابن عبد البر في كتاب (الانتقاء) ص ١٤٧ (عن الحكم بن واقد قال: رأيت أبا حنيفة يفتي من أول النهار إلى أن يعلو النهار، فلما خف عنه الناس دنوت منه فقلت: يا أبا حنيفة لو أن أبا بكر وعمر في مجلسنا هذا ثم ورد عليهما ما ورد عليك من هذه المسائل المشكلة لكفا عن بعض الجواب ووقفا عنه. فنظر إليه وقال: أمحموم أنت؟ يعني مبرسما)

أما أهل الحديث - أهل الحجاز - فإمامهم (مالك بن أنس) وكانت طريق أهل الحجاز في الأسانيد أعلى من سواهم وامتن في الصحة لاشتدادهم في شروط النقل من العدالة والضبط، وتجافيهم عن قبول (المجهول الحال)، في ذلك

وكتب (مالك) كتاب (الموطأ) أودعه أصول الأحكام من الصحيح المتفق عليه ورتبه على أبواب الفقه

وفي كتاب (تبيض الصحيفة): أن (مالكا) في ترتيبه للموطأ متابع لأبي حنيفة، ومن العسير إثبات ذلك، فان أبا حنيفة ومالكا كانا متعاصرين، وإن تأخر الأجل بمالك وأقدم ما حفظ من المجاميع الفقهية المؤلفة في عصور الفقه الأولى بين السنيين هو (موطأ مالك)

ويقول صاحب الفهرست في سرد كتب مالك:. . وله من الكتب؛ كتاب (الموطأ - كتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>