للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وجه البسيطة إلا بالنشيج والبكاء. فكل ما يقع تحت عينيه يرمز إلى ذلك الحب الذي قضي وحل اليأس مكانه في سويداء الفؤاد

نحن لم نأت بهذه الآراء لنوازن بينها، ولنميز بين حسنها وقبيحها، بل أتينا بها لأنها تعبر عن موجة الأفكار التي اجتاحت عصره، وعن الأثر الذي أحدثه كتابه الصغير (التأملات) الذي أصدره الشاعر، فترجم قطعة من شعره سماها (الإنسان) وأهداها إلى اللورد بيرون الشاعر الإنكليزي الذي قتل في حرب استقلال اليونان، والذي كان لامرتين معجباً بشعره، مأخوذاً بروعة ألفاظه إذ قال اللورد بيرون في نظري هو أكبر شاعر عرف الطبيعة في زمننا الحاضر. إن من شعره ما يسرني، وإن من بيانه ما يسحرني، إذ وجدت في أقواله خيوط أمل تربط أصواتاً تجيش في صدري، وتفور في سويدائي)

ولكن بالرغم من أن تفاؤل لامرتين يقابله شك بيرون، فان الشاعر لم يجد مانعاُ من أن يرسل هديته إلى نقيضه في أقواله لأنه أراد أن يجره إلى أفكار أقل شيطانية من أفكاره الأولى

فهل أصاب أو أخطأ؟ لا نعرف! بل نحكم عليه بعد قراءة الشعر الذي أرسله إلى الشاعر الشاك

الإنسان

- ١ -

أنت الذي يجهل العالم أسمك الحقيقي، أيها الروح الخفي الشاك. مهما كنت يا بيرون شيطاناً أو ملاكاً، عبقرية ميمونة أو مشؤومة، فإن أغانيك تصوب إلى نفسي بريق الأمل، وتحمل إلى روحي دعة الحمل

أعشق في أشعارك الخالدة أنغامها الغريبة كما أعشق ضوضاء العاصفة المحتدمة، الذي يمتزج بهدير الصاعقة ويعلوا مع أصوات الشلالات المنحدرة

إلى الليل تأوي، وإلى الرعب تلجأ

ما أشبهك بجبار الفضاء، وملك الصحاري! بالنسر الذي يكره السهول ولا يهوي سوى الصخور الوعرة، التي ألبستها يد الشتاء ثوبها الناصع، والتي تفتت تحت ضربات

<<  <  ج:
ص:  >  >>