للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصواعق المتوالية. يجد لذته على شواطئ غطيت بحطام البواخر الغارقة، وملئت بأشلاء السفن المحطمة. ويذهب عنه حزنه مرأى الحقول المخضبة بدماء المعكرة. بينها البلبل الغريد، ينشد أسقامه، ويغني آلامه، وهو يبني عشه على شواطئ السواقي الجاريات، بين الحقول الزاهرات

يجد النسر لذته فوق قم الأنوس، التي تخترقها الذرى الحادة كأسنة الرماح، فيشق فضاءها بجناحيه، تاركاً ظله يرتسم فوق الهوات الفاغرة فاها. وهناك وحيداً يصيخ لصيحات الفريسة المتعالية التي تحيط به أعضاؤها المختلجة، فوق صخور تقطر زواياها دماُ. وعندما تحتدم رياح العاصفة ينام مسروراً فوق بقاياها

- ٢ -

ما أشبهك بنسر السماء هذا يا بيرون!

فن أصوات اليأس أجمل أغانيك

الألم هدفك، والرجل ضحيتك

سبرت بعينك كالشيطان غور الهوة طياتها نفسك، غمرتْ بعيداً عن الإله والأضواء، بعد أن ودعت أملاً راحلاً. فأنت مثله اليوم تسيطر على الأرجاء المظلمة، والأصقاع المعتمة. فاجعل عبقريتك التي لا تقهر تعلو بلحن جهنمي، وتنشد أنشودة الظفر تحت ظلال عرش إله الشر

- ٣ -

ولكن أية فائدة تجنى من نضال النهاية المحتمة؟

بأي شيء يدفع العقل العنيد القدر؟

ليس له كالعين، إلا أفق محدود!

فلا تسدد جميل أنظارك إلى أبعد من هذا المدى، ولا تقدح زناد فكرك دون نفع وسدى، فنجد كل شيء منا يفر. الكل ينطفئ كالشمع. الكل يمحى من الوجود. ولكن كيف ولم؟ من يعرف؟ فان يديه القادرتين قبضتا على الوجود والبشرية، ونشرتا في حقولنا الغبار، وجعلتا الأهواء والظلام والأنوار. فهو يعرف ما يعمل. وهذا يكفي فالكون تحت إمرته ويده، وليس

<<  <  ج:
ص:  >  >>