للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بيت المغرب في مصر]

للأستاذ سيد قطب

هيأ عقد المعاهدة بين مصر وإنجلترا الدولة المصرية الحديثة، أن تنتهج سياسة شرقية عربية كانت تطمح إليها من قبل، فيحول دون انتهابها أولاً مشاغل الوطنية باستكمال الاستقلال، وثانياً تيارات السياسة الاستعمارية المضادة للوحدة العربية الشرقية

وتطرق مظاهر هذه السياسة الجديدة في التفكير المصري الآن، وتتحقق بوسائل عملية لم تكن بارزة من قبل

فالأزهر اليوم يرحب بالبعثات الشرقية عامة، وهو وإن كان من قبل مثابة طلاب هذه البلاد، إلا أنه في هذه الأيام يشملهم برعاية خاصة، تتوجها رعاية الفاروق العظيم لهذه البعوث التي تفضل جلالته فجعل الأنفاق على الكثير منهما من جيبه الخاص

والجامعة تزخر بالكثيرين من أبناء البلاد الشقيقة، وتسهل لهم الطرق لاستكمال دراستهم بها

ودار العلوم تهم بإنشاء قسم داخلي للإخوان الشرقيين بها، مبالغة في توفير أسباب الراحة والدراسة المنظمة لهم

وفي الوقت ذاته تتجه مصر إلى جاراتها العربية للنظر في توحيد البرامج أو تقريبها على الأقل، ويعقد مؤتمر في تونس للثقافة العربية قوامه الأساتذة المصريون

وكلك تمد مصر يدها بخيرة أبنائها لهؤلاء الجيران الكرام، يحملون إليهم العلم والنور والخبرة في شتى الشئون

هذا كله في عالم الثقافة، فأما في عالم السياسة فأن قضية فلسطين كانت محكا لتوثق الروابط بين مصر والبلاد العربية كلها؛ وقد نالت هذه القضية عطف كل مصري واهتمامه، وآخر مظاهر الاهتمام كانت في المؤتمر البرلماني ومؤتمر الجامعة. كما أنني أعلم من مصادر وثيقة أن الحكومة المصرية قدمت لحكومة لندن مذكرة خاصة بهذا الموضوع، ضمنتها رأيها قوياً حازماً صريحاً، وإذا كانت لم تشأ نشر هذه المذكرة، فقد اختارت بهذا أن تتبع الطرق الدبلوماسية المناسبة للمعاهدة

في خلال هذه اليقظة التي تعمر الضمير المصري تجاه البلاد العربية، افتتح (بيت المغرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>