للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في مصر) فكان افتتاحه في هذا الأوان علامة من علامات التوفيق، ومظهراً من مظاهر الحيوية العربية الكامنة التي تنبثق في أفضل المناسبات

وهو دليل جديد على الثقة بمصر، والتوجه إليها من أطراف المشرق العربي والمغرب العربي، هذه الثقة التي يحق للمصريين أن يفخروا بها، وأن يعنوا باستدامة أسبابها، وتمكين روابطها

وقد أحسنت مصر استقبال (بيت المغرب) واشتركت الحكومة والشعب بالحفاوة به وبسكانه، لتفتح قلبها اليوم لمثل هذه الصلات، بعد ما خلصت من قيود الاستعمار

ولقد كان لي من قبل حظ معرفة الرجل الوطني العامل الذي يشرف اليوم على بيت المغرب بأقسامه الثلاثة (مقر البعثة، ومكتب التبادل الثقافي، ومعرض الفن المغربي) إذ كان يدرس بمصر عام ١٩٢٩ وكانت وجهتنا إذ ذاك مع نخبة من أكرم الأخوان المصريين والشرقيين أن نؤلف جمعية للطلبة من هؤلاء وهؤلاء، تمكن من الروابط بين الجميع، وتعمل للمستقبل في توثيق العلاقات وتسهل للطلبة الشرقيين وسائل العلم والراحة في مصر

وكان الأستاذ المكي الناصري أشد المتحمسين للفكرة، وكنا نجتمع - غالباً - في داره بمصر للمباحثات في تحقيق هذا الأمل الكريم

فمن حسن الحظ أن يكون هذا الرجل هو الذي يتولى الآن تنفيذ فكرة (بيت المغرب) إذ هو أصلح رجل مغربي - فيما أعتقد - لتنفيذها، لسابق معرفته بالأوساط المصرية وسابق تفكيره في مثل هذه المشروعات

ورؤيتنا لبيت المغرب حقيقة ملموسة، تثير في نفوسنا التساؤل: متى يكون لكل أمة عربية بيت في مصر على مثال هذا البيت الوطيد؟

إن اليوم الذي تكون فيه لكل بلد شرقي بعثة دائمة في مصر على هذا المثال لهو اليوم الذي يتم فيه توحيد الثقافة والاتجاه بين هذه الأمم، فتتم لها العزة العربية التي تحلم بها في المستقبل القريب - إن شاء الله -

(حلوان)

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>