للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أدى هذا الهياج إلى حدوث اضطرابات ومصادمات اضطرت الحكومة إلى إعلان الأحكام العرفية. غير أن ذلك لم يرق حزب السوديت فأنذر الحكومة في ١٣ أيلول وقدم إليها مطالب منها إزالة هذه الأحكام. وأمهلها ست ساعات، مهددا بعدم استئناف المفاوضات. وردت الحكومة على هذا الإنذار بأنها لا ترى مانعا من قبول مطالب الحزب إذا وجه الزعماء إلى الشعب نداء يناشدونه فيه احترام القانون والنظام، وجاء وفد منهم إلى براغ للمفاوضة في هذا الشأن.

لم يأبه حزب السوديت لرد الحكومة، بل أصدر بلاغا جاء فيه (أنه لم يعد من الممكن مواصلة المفاوضات على الأسس التي اتبعت حتى الآن. ولذلك أعفى الهر هنلاين الوفد من مهمته وشكره على جهوده). وفي اليوم التالي طلب حزب السوديت رسميا من حكومة براغ أن يكون للألمان السوديت حق تقرير مصيرهم. ونقل الحزب مركزه من براغ إلى اشن ليكون قريباً من الحدود الألمانية.

وفي ١٦ أصدر الهر هنلاين بيانا قال فيه (إننا نريد أن نعيش عيشة الألمان الأحرار، إننا نريد أن نعود إلى الريخ). وأخذت صحف الألمان تحمل حملة عنيفة على تشيكوسلوفاكيا، ومما قالته جريدة (فولكشر بيوساختر) صباح ١٧ سبتمبر (أيلول)، أن الوقت قد حان لا بعاد المسيو بنيش عن مسرح السياسة الدولية الأوربية وإزالة دولة من خريطة أوربا.

إن انقطاع المفاوضات أضاع الأمل في الوصول إلى حل سلمي دون تدخل الدول الأخرى)، وقال اللورد رنسيمان في الكتاب الذي أرسله إلى المستر تشمبرلن في ٢١ سبتمبر (أيلول) إن مسئولية قطع المفاوضات النهائية في رأيي، تقع على الهر هنلاين والهر فوتك، وعلى هؤلاء من مؤيديهم، داخل البلاد وخارجها، الذين كانوا يحضون على أعمال العنف وعلى الأعمال غير الدستورية)

أقلق خطاب الهر هتلر وما تبعه من اضطرابات وقطع المفاوضات في تشيكوسلوفاكيا، الرأي العالمي وبالأخص في لندن وباريس، ودعاهما إلى بذل آخر ما لديهما من جهود في سبيل حفظ السلام. فما هي هذه الجهود؟ وماذا كانت ثمرتها؟ هذا ما سنعرضه في مقال آخر.

يوسف هيكل

<<  <  ج:
ص:  >  >>