للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وملطفا لهذا التطلع الغريزي)

جلست الأخت قرب سرير أختها وأخذت تلاحظها وتدون بعض هذه الملاحظات، وانتظرت والقلم في يدها أن تكتب ما تمليه عليها كما وعدت، ولكن النعاس غلبها فنامت. لم يطل نومها حتى قامت فزعة مذعورة على صوت أختها المحشرج وهي تصيح صيحة منكرة قائلة (لن تفتر عزيمتي مهما سرت، فسر بي أيها النور، سأتبعك، سأتبعك فوق الجبال، في أعماق الانهار، في السماء، في جوف الأرض تعلو وتنخفض ولكني اتبعك. لن ارجع كما رجعت قبل يوم، ولن انظر إلى نفسي فتشغلني عنك، سر أنا وراءك.)

كتبت الأخت واستمرت هي تقول (بدأت افهم، نعم عرفت، ولكني لا أقوى على التعبير عما اعرف، لماذا!؟. . . . كلا لن أفكر في هذا، سر، سر، أيها النور إني وراءك، آه ألهذا إذن نموت ولهذا إذن نحيا، نعم ولهذا يجب إلا نعرف، فهمت، عرفت، ولكن يجب أن اعرف أشياء اخرى، يجب أن اعرف السر الأعظم سر سر، إني وراءك.)

(نعم لقد عرفت كل هذا ايضا، ولكن كيف أعبر عنه؟ فلأحاول فلأحاول، لا، لا أقوى سأعبر عندما أعود إلى هذا، إلى ماذا اسميه؟ إلى هذا الملعب، إلى روضة الاطفال، إلى ما يسمونه العالم. ها! ها!

(لقد أعياني السير، أما آن لي أن اعرف الله، أن اعرف القوى المهيمنة على كل شيء، على كل ملاعب الأطفال هذه، ما اكثر عددها وما اشد اعتداد كل منها بنفسها! كأن ليس هناك سواها. لقد عييت، ولكن كلا كلا، سأسير، سر إني وراءك. . .

(رهبة شلت حواسي، لقد امتزج هذا النور الذي انبعه بالظلام حوله، ولقد كانا قبل يزيد كل منهما في قوة الآخر. . جو غريب لا هو ظلام، ولا هو نور، شيء ثقيل ينزل على رئتي، الكلام عسير، والتنفس شاق. . . . .

ستار هائل عظيم أمسكت بطرفه يد خفية. سيزاح هذا الستار دون شك ووراءه الحقيقة الكبرى. كل ما في ينبض بذلك. ازداد الثقل على رئتي. . . لا أستطيع التكلم، الستار يزاح، التنفس عسير عسير، لقد قضي كل شيء، سأعرف سأعرف، سينزل الستار، هو ينزل بالفعل قليلا. . قليلا، سأعرف سأعرف، قليلا، بطيئا، لقد عر. . . فت. . . . آه.

ودوت صرختها قوة كالرعد مرعبة محشرجة، ثم ساد الصمت، صمت عميق، عميق

<<  <  ج:
ص:  >  >>