للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما نقله صاحب التبيان، وجاء به صاحب العبقرية، فانظر ماذا كان تعليقه ونقده عليها. قال: (. . . وهذه نادرة يستبعدها الناس، ولكنها طريفة، إذ تجعل موت الشريف بالشعر شبيها بحال من يخنقه أرج الأزهار فيموت) أما كاتب هذا المقال فلا يرى فيما نقله الدكتور عن صاحب التبيان إلا قصة ظاهراً فيها الوضع، وأية دلالة على موت الشريف قد اضطم عليها البيتان السابقان؟ ثم أين نقد الدكتور لهذا الوضع الظاهر؟ أشهد لقد غلب خيال الشاعر على موقف الناقد في تعقيب المؤلف. فان في تعليق الأستاذ مبارك بهذه العبارة السابقة روحا من الشعر، وعبيقا من الفن الأدبي

ألمَّ الدكتور زكي بنواح عدة من الشريف الشاعر، وأحسب أن مقاله عن الجندي المجهول الذي أستهل به كتابه، إنما هو من المقالات التي تظهر فيها شخصية الرجل الذي يقدر كل التقدير منزلة الشريف، فهي رثاء للعبقرية الموءودة في كل زمان، ونفحة من نفحات الإجلال للنبوغ المقتول، وللذكاء المحكوم عليه بالإهمال في الشرق.

أفراد المؤلف فصلا عن (أسرار العلائق بين الرضي والصابي) مع ما بين الاثنين من اختلاف في العقيدة، وقد صور المؤلف في مستهله قوة الصلة التي كانت تجمع بين أبي اسحق الصابي وأبي أحمد الموسوي والد الشريف، ويعرض لأثر الكتاب في هذا العصر (ص٤٩ ج٢)، وإلى الألفة والتوافق في المذاهب الأدبية، وهذا من الفصول القوية التحرير، القوية العرض، الدقيقة البحث في هذا الكتاب، وحجة الدكتور في هذه الصداقة التي تجمع بين الاثنين أن الصابي كان يحبب للشريف أن يطلب الخلافة الإسلامية لنفسه، وكان الشريف شاباً والشبان (يحبون أن يصلوا إلى قمم المجد في يوم وليلة، ويبحثون عمن يزكيهم ويؤيدهم ويدعى لهم التفوق، وقد تلفت الشريف وهو طفل فرأى شيخاً جليلاً يتنبأ له بمستقبل جليل فأحبه كل الحب) وفي هذا الفصل بالذات إيماءات خفيفة للنوازع والحوافز السياسية التي كانت سائدة في ذلك العصر. ولكم كنت أحب أن يعقد المؤلف فصلا أو فصلين يتناول فيهما الشريف الشيعي، وما هما بالكثير على شاعر اختلف المؤرخون - العرب والأوربيون على السواء - في مسألة تشيعه، ثم هي تتصل اتصالا وثيقاً بالحركة السياسية في عصره، وتصور ميل الشريف للفاطميين في مصر بقولة:

أحمل الضيم في بلادي الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>