للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وليس في عزمي أن أقدم إلى قراء الرسالة الدكتور طه حسين بك كما سأقدم إليهم العلماء سورنسن، وتزنت جيورجي، وكارر من بين العلماء الذين فازوا بالدكتوراه الفخرية من فرنسا هذا العام، فإن عميد كلية الآداب ليس في حاجة إلى أن يقدم إلى صحف الأدب العربي، كما أنه ليس في عزمي أن أتناول بهذه المناسبة مؤلفاته الأدبية بنقد أو تحليل، فلم يكن الأدب من عملي ولم أكن يوماً من الأدباء

وحسبي أن أردد ما قاله ممثل الجامعة الفرنسية في عميد كلية الآداب من المقابلة بينه وبين أديبهم الفرنسي رينان، فقد قال: إن رينان كان أديباً فذاً ولكنه كان إلى ذلك مؤمناً قوي الإيمان بمستقبل العلم نصيراً له؛ وكذلك الدكتور طه في مصر فهو إلى صفاته الفنية في الأدب قد بعث فيمن حوله روحاً علمية صحيحة وأنفق من الجهد في نصرة الروح للعلمية والأخذ بمنهجها ما يجعله حقيقاً أن يحتفل به العلماء قبل الأدباء. ومن أجل هذا فإني أسجل له تحيتي هنا

العلامة سورنسن ?

يمتاز هذا الكيميائي الدانمركي بعبقرية مبتدعة في طرائق البحث التجريبي واختراع الوسائل الفنية التي يدعونها بتلك الكلمة اليونانية الأصل (تكنيك)؛ ولعل العلماء المبرزين في هذا النوع من النشاط العلمي أقل حظاً من غيرهم في ذيوع الشهرة وجريان أسمائهم على أفواه المتعلمين؛ ذلك لأن هذه الوسائل وما يتصل بها من الأجهزة تبقى في العادة داخل المعامل يستغلها الباحثون في الكشف وتحقيق الفروض، فإذا ما انتهى إلى جمهور المتعلمين شيء منها فهي نتائج هذه البحوث: قانون طبيعي، أو نظرية جديدة في تفسير طائفة من الظواهر تحمل اسم قائلها ولكنها غفل من اسم مخترع الوسائل التي أدت إلى هذا الكسب الجديد في ميدان المعرفة. ومع ذلك فان هذه الوسائل كثيراً ما كانت تكأة لفتوح خطيرة في العلم بل تكأة لعلم بأسره؛ فكثير منا يعلم مثلاً أن جاليليه هو أول من أقام الدليل على صحة نظرية كوبرنيك في دوران الأرض حول الشمس وحول نفسها، ولكن كم منا يعلم أن هذا الجهاز البسيط المقرب للأبعاد المدعو تلسكوب، والذي خرج من خلاله كل محصولنا الحالي في علم الفلك بل كل هذه الثورة على جدل القرون الوسطى النظري وتوجيه العلم نحو الملاحظة والتجريب، كم منا يعلم أن المنظار المقرب يحمل اسم جاليليه؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>