للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

البحث الشاق الطويل!!.

إلى البحث الشاق الطويل؟ أجل إلى البحث الشاق الطويل! وإذا كانت الأديان قد وفرت علينا مشقة الحل فما ينبغي لعقولنا النورانية أن تقف عند حد أو أن تقنع بالقليل. ولن يضيرنا أن نكون حلقة في سلسلة مجهولة الأطراف، فحسبنا أننا نعيش لنلعب دورنا المحتوم في الحلقة التي نعيش فيها، ولن يضيرنا أن نتعرض في حياتنا للكوارث والآلام، فحسبنا أن نعلم أن قانون الحياة صارم على الجميع وأن مجدنا وعظمتنا في التحمل والكفاح والصراع أكثر مما هما في الدعة والسرور واللين. ومهما يكن شأننا ضئيلاً في الكون الهائل المخيف فلا شك أننا نستطيع أن نسمو بعقولنا وقلوبنا إلى عليين، وأن ندرك كل عام من أسرار الحياة والوجود ما يقيم لنا وزناً في العالم المجهول. وإذا كان العلم يشير إلى سلسلة متدرجة مترقية في المخلوقات فلنسأل أين كمالنا نحن البشر وما عسى أن يكون دورنا الحق في الوجود؟ وإذا كانت ميزتنا الكبرى قائمة في (العقل) كما يقول أرسطو فلا مندوحة لنا من جعله يمتد بأشعته إلى سر الحياة والكون ليأتينا منه كل عام بجديد في نواحي ذلك الثالوث المقدس، ثالوث الحق والخير والجمال. ومهما يكن من شأن النكوص العارض في خط السير فلا شك أننا نقدر جميعا تلك الخطوات الهائلة التي قطعتها الإنسانية منذ فجر التاريخ إلى اليوم نحو التقدم والمدنية والنور. فاليوم علم بعد جهل، وديموقراطية بعد عبودية واستبداد، وسلام بعد حروب وغارات! أقول (سلام) وأعلم تماماً ما سوف تقول! وأين السلام من تلك الشعوب المتناصرة المتنابذة التي يحفر كل منها للآخر هوة سحيقة للموت الداهم الفظيع؟ ولكن رويدك فالفكرة موجودة، وتزداد بحرارة الخطر اختماراً، حتى إذا انفجر البركان وأصاب الإنسانية منه أقصى سعير استوت على عرشها وسادت سيادة أنجح وأضمن كما سادت بالأمس القريب فكرة تحرير الرقيق بعد قرون الذل والعبودية والانحطاط!

إلى الكمال إذاً نحن نسير! إلى كمال الحق والخير والجمال؛ ولا نفاضل بين الأجيال إلا على ذاك الأساس. ولا ينبغي أن تكون لنا غاية غير هذه الغاية! ولا يجوز أن نقيس حياتنا أفراداً وجماعات إلا بهذا المقياس. ولئن كان مقدراً للأجيال ألا تبلغ ذلك الكمال المثلث فإنما شاء الله ذلك لكيما تبقى للإنسانية غاية تعيش من أجلها وفي سبيلها تموت. فلننظر إذاً أي

<<  <  ج:
ص:  >  >>