للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحروب والفتوحات. وأما (تارد) - الفيلسوف الفرنسي - فقد سبقه ابن خلدون إذ أعلن (أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده) (ص١٤٧). وأما (دركايم) - مؤسس (مدرسة) علم الاجتماع لهذا العهد في فرنسا - فقد سبقه ابن خلدون حين عد وجود الجماعات أمراً واقعاً ملموساً وبصر بالصلة التي بين عدد الجماعة وغنى القطر، وحين ضخم تأثير التعاون والتماسك (ارجع لهذه اللفظة إلى مقالي في مجلة مجمع اللغة العربية الملكي. ج٢) وتقسيم العمل ورأي أن البحث الاجتماعي تنبسط أطرافه - من ناحية التاريخ - على جميع أحوال الأمة (مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث من ذلك العمران بطبيعته من الأحوال) (ص٣٥). ثم إن بين ابن خلدون و (دركايم) وجهاً آخر من الشبه لا يستخف به، ذلك أن (دركايم) نزه مذهب (أوجست كونت) عن التشيعات للآراء وخلصه من وجوه الاستنباط المحض، وكلنا يعلم أن ابن خلدون عالم موضوعي كما يقولون أي عالم يتدرج من المحسات إلى النظر، ومن الخارجيات إلى الرأي.

بشر فارس

مكتب النشر العربي بدمشق

إلى جانب الجماعات التي تعنى في دمشق بالشؤون الاجتماعية والعلمية، عصبة من الشباب قامت منذ أعوام خمسة بتأسيس مكتب لنشر الثقافة والعلم أسمته (مكتب النشر العربي)؛ وتأسيس مكتب ليس له من غاية إلاّ خدمة الثقافة والعلم، ونشرهما بين الأوساط بأقوم الطرق وأكثرها فائدة ومنفعة، عمل شاق وعسير، في بلد، الثقافة فيه ضائعة حقوقها بين الذين يدعونها والذين يهملون شأنها، ويتجاهلون وجودها.

ولقد قام المكتب منذ تأسيسه إلى الآن، بنشر آثار ودراسات مختلفة لطائفة من المفكرين والأدباء سواء المتقدمون منهم والمعاصرون، فنشط بعمله هذا الحركة الفكرية في المدينة، وبرهن على أن الثقافة قيمتها عالية لا تبخس، وقدرها محفوظ لا يذل، مهما بلغ من إهمال

<<  <  ج:
ص:  >  >>