للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عميد كلية الآداب يثق بأن في مصر شمائل من العقلية اليونانية التي تلقت الدروس عن مصر الفرعونية. ولكنه مع ذلك يؤمن بأن لمصر عقلية إسلامية، وهذه العقلية الإسلامية لها خصائص يدركها أصغر مدرس في كلية الآداب. وأرجو إلا يضيق صدرك بهذه الحقيقة فقد نلتقي بعد أيام أو أسابيع وأشرح لك ما لا يحتاج إلى شرح، كما تشغل نفسك بشرح ما لا يحتاج إلى شرح

من المؤكد عندي أنك لم تستشر عميد كلية الآداب قبل أن تصرح بأن الإسلام لم يغير العقلية المصرية، وذنبك في هذا التهاون عظيم لأنك قريب منه، واتصالك به لا يجشمك أي عناء.

عميد كلية الآداب يعرف، كما أعرف أنا وتعرف أنت، أن الديانات تفترق ثم تجتمع، وهي في روحها تحدث الناس بأسلوب واحد في أوقات الضعف، ولكن هذا لا يمنع من أن هناك خصائص للعقلية الإسلامية والعقلية المسيحية، وهذه الخصائص تخفى على العوام ويدركها الخواص.

وكيف لا توجد هذه الخصائص بين دينين مختلفين، مع أننا نعرف أن هناك خصائص عديدة في الدين الواحد حين يختلف أهله بعض الاختلاف؟

إننا نعرف أن للكاثوليكية خصائص وللبروتستانتية خصائص، لأننا نعرف أن للعقلية السنية خصائص وللعقلية الشيعية خصائص

فكيف جاز عندك يا سيدي الدكتور أن تتوهم أن الإسلام لم يغز العقلية المصرية بتغيير ولا تبديل؟

أنا لا أنكر أن مصر ورثت ما ورثت من علوم اليونان، ولكني أنكر أن تكون مصر عاشت بعقلية واحدة منذ آلاف السنين إلى اليوم. هل تصدق حقاً يا دكتور أن المصريين أحسوا العقلية اليونانية بعد الإسلام إحساساً واضحاً صريحاً؟

في الحق أن المصريين في حياتهم الإسلامية شغلوا أنفسهم بعلوم اليونان أكثر من عشرة قرون، ولكنك وقد جلست على حصير الأزهر كما جلستُ تعرف أن المصريين لم يتذوقوا تلك العلوم؛ والأزهر لا يزال باقياً فتعال معي نسأل أهله ماذا فقهوا من علوم اليونان؟ تعال معي يا دكتور لنقضي بين علماء الأزهر ساعة أو ساعتين فستراهم جميعاً يعتقدون بأن

<<  <  ج:
ص:  >  >>