للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يمكن أن يصل إليه الفن إطلاقاً، أمكننا أن نعرف بالمقارنة مدى ما وصل إليه المصريون في هذا المضمار معرفة تقرب إلى الحقيقة العلمية.

ولعله جدير بالذكر أن نوضح شيئاً عن الكيفية التي سار عليها المصرييون في تلوين منحوتاتهم، بل وكل ما تركوه بمقابرهم وأهرامهم ومعابدهم من غير المنحوتات بألوان معدنية وصناعية اتخذوا بعضها من الأرض.

حصل هذا التلوين عندما كانت منحوتاتهم من الحجر الجيري أو الرملي؛ أما عندما كانت من حجر الجرانيت الوردي أو الأسمر أو حجر البازلت أو السربنتين فقد تركت بدون تكوين اكتفاء باللون الطبيعي.

على أنه قد وجدت تماثيل خشبية أو حجرية قابلة لامتصاص الألوان ولكنها تبدو كما لو كانت غير ملونة، وهذا في غالب الأحيان لزوال اللون منها أو لأنها تركت قبل تلوينها لظروف طارئة.

هذا بيان لابد من إيضاحه قبل تأمل النحت المصري الذي يمثل جمال المرأة المصرية على اعتبارها ممثل الجمال الإنساني غالباً. وإذا كان الجمال في جوهره متلخصا في تناسب التكوين وانسجام المظهر، فإن قياس الجمال رهين بالزمان والمكان، كما أنه راجع إلى نفسية الحاكم وبيئته وثقافته ومدى تأثره.

ولذلك فلا يهمنا في القرن العشرين أن نقارن بين جمال المرأة المصرية وجمال غيرها، وإنما يهمنا أن نتخذ من آثار الأقدمين وسيلة لفهم الجمال المصري القديم وفيم كان منحصراً وكيف كان تعبير الفنان المصري عنه.

وبالنظر إلى أن تاريخ الفن المصري قد استغرق قروناً، فإنا سنحاول تأمل الإنتاج الفني في هذا المجال تأملاً تاريخيا إلى جانب التأمل الفني الذي يمهد لنا سبيل التقدير الإستيتيكي.

فإذا تأملنا رأس (نفريت) التي يرجع تاريخ صنع التمثال الخاص بها إلى أقدم الأسرات، رأينا أن ملامح الوجه تدل على النعمة والبعد عن الكفاح مع توافر النبل، لا سيما إذا راعينا أن هذا من أقدم التماثيل المصرية التي تمثل جمال المرأة. أنظر إلى العينين والحاجبين وإلى الطريقة التي اتبعها المثال في التأنق لإخراجها بغاية النظام والعناية. ثم تأمل الطريقة التي اتبعت في تصفيف الشعر وقصه عند الكتفين وتثبيته من أعلى بطوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>