للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَريدُ الأدبيّ

في الشعر العربي

ليس بيني وبين الأستاذ علي الجارم بك إلا محض صفاء، بل له عندي

مكانة. فإذا أنا أقبلت على شعره أنظر إليه بمؤخَّر العين فإنما شعره

وحده يشغل نظري. وللأستاذ علي الجارم بك أن يعتدّ بالمعجبين

بشعره - وهم غير قليل على ما ينتهي إلى آذاننا - فيهما ما يقوله في

طريقة نظمه من يجب أن يدون تاريخ الشعر العربي تدويناً لا يعرف

الغرض

عندي أنَّ الشعر العربي المسجون في القصر الذي بناه به أمثال المتنبي والبحتري في معالجة النزع، لأن أمثال المتنبي والبحتري تركوا نوافذ القصر مغلقة يوم ماتوا. ثم جاء خلفاؤهم وأتباعهم فسمّروا خُشُب النوافذ، ففسد الهواء وضوي الشعر المسجون. إلا أنه اتفق لهذا الشعر أن تُثقب له كُوَّتان في الحائط، إحداهما على يد رجل يدعى أحمد شوقي، والأخرى على يد رجل اسمه خليل مطران. أما هذه فقد أقيم بينها وبين القصر حاجز فوُقفت على حجرة ضيقة سرعان ما أضحكت أرجاءها نسمات مقدمها من هناك في مصر ثم من أمريكة الشمالية والجنوبية. وأما تلك فقد سُدَّت فجأة ولم يبسط أحد إليها يداً، فعاد الهواء إلى فساده

ومن هذا الشعر الشاحب قصيدة ألقاها الأستاذ على الجارم بك في (حفلة تأبين المرحومين السكندري ونالينو في دار الأوبرا الملكية) يوم الجمعة الماضي (انظر الأهرام ١٤ - ١ - ١٩٣٩) وإليك المطلع، وفيه ما فيه من (براعة الاستهلال) (حسب الدستور الأكبر المسمى بعلم البديع):

غداً في سماء العبقرية نلتقي ... وتجتمع الأنداد بعد التفرق

أما المصراع الأول ففيه (فخر) لطيف مع شيء من (المبالغة) وأما المصراع الثاني ففيه (تأكيد) و (طباق)

وفي القصيدة ما تشاء من (محسنات معنوية ولفظية) لا يقوم مثل هذا الشعر إلا بها، لأن

<<  <  ج:
ص:  >  >>