للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العالم المسرحي والسينمائي]

الدرامة والحياة

لناقد (الرسالة) الفني

من الجلي الواضح أننا قبل أن نطرق بحثاً كهذا، علينا أن نتريث برهة نسائل فيها أنفسنا ماذا نعنيه تماماً بكلمة (درامة) - أو بمعنى آخر - ما هو التعريف الذي نستطيع أن نضعه لفن الدرامة إذا ما قورن بالفنون الأخرى كالشعر والتصوير والقصص؟ من الواضح أن الدرامة فن، ولكن أي القيود نستطيع بها أن نحدد صفاته الخاصة التي تميزه عن الفنون الأخرى؟ ولقد يبدو هذا عند النظرة الأولى سهلاً ميسوراً ومطلباً هيناً لا عسر فيه ولا عناء، ولكن قليلاً من التفكير يكشف لنا عن الصعاب التي تواجهنا، وتقد يكون من الخير لنقدر دقة هذا المطلب العسير أن نرجع خطوة أو خطوات إلى الوراء فنمر سراعاً عاجلين بتلك المحاولات التي بذلها أقطاب هذا الفن في تاريخه الطويل ليجيبوا على هذا السؤال وليضعوا لفن الدرامة تعريفاً واضحاً وصريحاً.

من أولى النظريات التي وضعت في هذا الصدد ومن أكثرها ذيوعاً وانتشاراً، تلك النظرية التي نستطيع أن نسميها (نظرية التقليد) والمحاكاة. ولعل من الخير أن نذكرها في أبسط صورها كما جاءت في أقوال (شيشرون) الخطيب الروماني المعروف، فالدرامة عنده (نسخة للحياة، مرآة للعادات، انعكاس للحقيقة) وهذا التعريف، إذا صح أن نسميه كذلك، قال به كثير من النقاد المتعاقبين مئات من السنين، واتخذ أساساً لأبحاث فنية لا عد لها، خصوصاً في عصر النهضة (رنيسانس). بل لقد وجد حتى في العصور الأخيرة أنصاراً وأشياعاً لأنه يتمشى مع أغراض الكتاب الواقعيين (ريالست) في القرن التاسع عشر.

ومن أنصار هذه النظرية في تعريف الدرامة زولا الكاتب الفرنسي المعروف وبومارشيه رجل المسرح الشهير. ومن المقدمة التي وضعها الأول لروايته (تيريس راكوين) ومن كتاب الثاني عن الفن المسرحي نستطيع أن نستخلص الكثير من العبارات التي ندلل بها على أن المثل الأعلى للمسرح عند الاثنين أن يكون (مرآة الحقيقة وصورة مطابقة لما في الحياة)

فإذا أخذنا بهذا الرأي وبحرفيته قلنا أن الدرامة اقتباس من الحياة. وهذا معناه أن المؤلف

<<  <  ج:
ص:  >  >>