للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضوابط والمقاييس الفنية

وهذا لا يستغرب إذا تذكرنا أن العلاقة بين العمارة والنحت والتصوير موجودة دائماً، وأن البيئة التي يتأثر بها البناء هي نفسها التي تؤثر في النحت وفي التصوير

على أننا لا نريد أن نتناول اتجاهات (الفن الحديث) أو الفن المعاصر في أمريكا بالدرس والنقد لأننا قد وعدنا القارئ بمقال خاص عنه نكتبه في فرصة أخرى

أما في التصوير فإن الأثر الأوربي ظاهر أيضاً وواضح إلى حد لا يحتاج للبراهين، فقد ارتبط فن التصوير في أول أمره ارتباطاً وثيقاً بالفن الإنجليزي، وتقدم على هذا الأساس تقدماً باهراً، فما كاد ينتهي القرن الثامن عشر إلا وقد ظهر مصوران عظيمان، أولهما وست الذي سجل موت الجنرال وولف في موقعه كوبيك تسجيلاً رائعاً. أنظر إلى المجموع الإنشائي للصورة (ش - ٤) وفكر في الكيفية التي استطاع بها الفنان إظهار هذه المجموعة من الوجوه الناظرة إلى الجنرال المحتضر، وكلها تعتبر عن الأسى والحزن والجزع، ولاحظ العدد الهائل من الجنود الذي يبدو كأنه ظل في مؤخر الصورة، وتأمل إلى جانب ذلك حركة الأيدي والروعة التي تجلت في الإخراج

وثانيهما جون اشتغل كالأول أيضاً بتسجيل المناظر التاريخية والوطنية وغيرهما جلبرت ستوارت ولورينج إليوت الذي اشتهر بتصوير المناظر الشخصية!

وهكذا استمر أثر المدرسة الإنجليزية في فن التصوير الأمريكي حتى النصف الأول من قرن التاسع عشر، وبعدئذ ظهر اتجاه جديد بظهور الفنان أظهر أثر مدرسة دوزلدورف الألمانية - في الصورة (ش - ٥) واشنجطون واقفاً في وسط قارب صغير ازدحم برجاله، منهم من حمل العلم الأمريكي ومنهم من اشتغل بالتجديف في ماء مملوء بالثلوج. وليس هذا المنظر مما يستهان بتصويره، فهو محتاج إلى مقدرة عظيمة ودراسة عميقة لقانون الحركة الجسمانية إلى جانب صعوبة التلوين لإبراز تفاصيل الثلج والماء المتجمد

وأعقبه الفنان اشتغل بتصوير المناظر الطبيعية التي وقعت تحت نظره. وظهر أثر المدرسة الفرنسية في أمريكا بعد انقضاء الستين أو السبعين سنة الأولى من القرن التاسع عشر، ذلك بالرغم من تأسيس جمعية الفنانين في أول يونيو سنة ١٨٧٧ وإنشاء أكاديميات على نمط ما هو موجود في أوربا. وهذا يدل على أن الفن الأمريكي كان أوربيّاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>