للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصدر الإسلام أي طريقة الغزل بالعاطفة كما فعل العذريون فهذا ما لا يقول به حافظ نفسه ولم يقل به أديب قبل الأستاذ. والأصح وهو ما قلناه من أن البارودي وشوقي وحافظ أنقذوا الأدب من طريقة ابن حجة الحموي وخليل بن أبيك الصفدي وصفي الدين الحلي وأشباههم ورجوا به إلى طريقة مسلم بن الوليد وأبي تمام والبحتري وحسبهم هذا فخراً. وقد جعلنا أكثر قولنا في التجديد في الشعر لأن الباعث على مقالات الأستاذ كان شعر الرافعي والعقاد، ولم نقصر التجديد على محاولة إدخال العاطفة كشرط أساسي في الغزل بل قلنا أنها شرط أساسي في كل شعر، وإن الصنعة لازمة. ولكن كخادمة للتعبير عن النفس والحياة وعواطف النفس وأحاسيسها فيهما، فتحجر الصنعة من غير بحث في النفس قيد، والتخلص من جمود ذلك التحجر حرية، وهي الحرية التي أردناها في قولنا. وقد فسرنا ذلك بإطالة وأوضحنا أن هذه الحرية ليس معناها التخلص من قيود العرف أو الدين، فنرجو الأستاذ أن يرجع إلى ما فصلنا من الكلام عنها. وقد اعترفنا للأستاذ بما في نزعة التجديد من عيوب وحبذا لو رجع الأستاذ إلى ذلك التفسير والتعليل، وقلنا أنها عيوب عارضة وليست كل شيء. أما المسائل الاجتماعية التي ذكرها الأستاذ فهي أمور يختلف فيها الأدباء وغير الأدباء ويختلف فيها الناس في كل عصر؛ ولو شاء الأستاذ لذكرنا من أقوال كتاب العرب وشعرائهم ما هو اشد من أقوال طه حسين وهيكل وقاسم أمين. ومن الغريب أن الأستاذ لا يرى حرجاً في الاقتباس من علوم أوربا ويرى حرجاً في الاقتباس من مذاهبهم وأبواب أدبهم، وإذا كان هناك حرج فالحرج في الحالتين.

(قارئ)

<<  <  ج:
ص:  >  >>