للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في الحرب]

للأستاذ عبد المنعم خلاف

كل زعيم ينشد نشيد السلام ويقف في محرابه على منبره يقدم له الترتيلات والقرابين والنذور. . .

ويلكم! إن السلام هو أن تسكتوا جميعاً عن النقيق والنعيق باسمه. . .

أتذبحونه وتذكرون اسم الله عليه؟!

إن السلام ألا تفكروا في مستقبل الذريات لإسعادها بأشقاء آبائها وطحنهم برحي حروب زَبون. . . بل أن تفكروا في حاضر الآباء الحاضرين الذين تأخذون لقمة بطونهم وتضعونها في بطون المدافع آكلات الأجسام، وهاضمات المدن والخيام!

عدتم إلى فلسفة الردة تمجدون الحرب للحرب، وتضعون لها مكاناً في قلوب الرجال كمكان الأجنة في بطون الأمهات. . والأمهات الوالدات تخرج لكم الكتل اللحمية البشرية كما تخرج معامل الأسلحة مصنوعاتها. . . فتولد كل يد ومعها أظفورها وقنبلتها ومدفعها. . . ويولد كل وجه ومعه قناعه. . .

والشياطين والزبانية تجمع الأحطاب من نغل القلوب وإحن الأفئدة. . وتضع الألغام على منابر الساسة وألسنة الزعماء. . . والإنسانية - العروس الهندية! - تسمع إلى صلوات كهنة النار قبل أن يقذفوها فيها بصبر وعجز، وربما بطرب وسرور؟

وصار كل كاهن يلقي خطبه وتصريحاته المشئومة بإلقاء جميل وإشارات تمثيلية باهرة. . .

ووقفت (العروس الهندية) تنظر إلى أَلسنة الخطباء نظر الأحطاب إلى أعواد الثقاب. . .

واجتمعت في قلوب الزعماء أحقاد أممهم تغلى على الألسنة، فصار كل زعيم يصر على أضراسه لأنه يحس سُعار السلاح في يده. . .

ونظر كل زعيم إلى قرينه قبل أن ينظر إلى مصالح أمته. . . والحرب تتجرد من ثيابها لتبرز إلى الميادين راقصة عارية. . .

عليها تَنُوس ذؤاباتٌ سود وعقود من الجمرات الحمر. . .

وقد خرست أصوات الكهان والمعلمين والدعاة. إن كل هذا يختفي عند لزوم ظهوره وإلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>