للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بما اعترف به الأستاذ العقاد إذ قال عنه إنه زعيم الوطنية المصرية في ذلك العصر

استفاد مصطفى من خلاف فرنسا مع إنجلترا فظن بعض الناس أنه صنيعة فرنسا. فلما تنحت فرنسا عن قضية مصر استمر في جهاده بل ضاعف قواه. واستفاد من خلاف ألمانيا وحلفائها وأيد الخديو، حتى إذا خرج كرومر وتغير الحال أثبت مصطفى كامل أن انتصاره لسمو عباس حلمي باشا لم يكن إلا انتصاراً للسيادة المصرية لا لشخص الخديو وضاعف الهمة حتى زالت حجة المكابرين الذين قالوا بأنه صنيعة. وكذا كان شأنه مع تركيا شأن المستفيد من مصلحة مشتركة في موقف معين. وما قوله في شأن الخلافة إلا شأن فرنسا وإيطاليا مثلاً عند اتفاق مصالحهما بأن هناك رابطة لاتينية

ولما تولى الحركة فريد بك ازدادت خطة الوطنية وضوحاً لمناسبة الظروف التي استجدت فقامت الحرب العالمية وهو في تركيا فأفهم رجالها وهم على وشك الهجوم على مصر أن عدم مطالبة المصريين برفع السيادة التركية إنما كان لوجود الاحتلال الإنجليزي

اعترفت إنجلترا بأن تكييف مصطفى كامل للاستقلال كان تكييفاً صحيحاً كما اعترفت للمجاهدين ضد نابليون عندما كانت تريد إخراجه من مصر. ويكفي أن يطلع الإنسان على إعلان الحماية ليرى هذا الاعتراف إذ جاء فيه: (بما أن تركيا في حالة حرب مع إنجلترا فتزول من الآن السيادة التركية وتصبح مصر تحت الحماية البريطانية)

ولما انتهت الحرب العظمى لم يتمسك رجال مصطفى وفريد بالسيادة العثمانية، فهذا غير معقول، وإنما عملوا على ألا يتم تنازل تركيا عن سيادتها إلا لمصر لا لإنجلترا كما عملوا على احتفاظ مصر بما لها من الحقوق في معاهدة سنة ١٨٤٠. ولذلك سافروا إلى أنقرة وإلى لوزان ولم يسع (الوفد المصري) إلا أن يبعث معهم بعض رجاله ويشترك معهم في هذا المسعى.

أما ما حصل بعد ذلك فيكفي أن تكييف مصطفى كامل قد سجل له التاريخ نتيجة واضحة وهي أن معاهدة سنة ١٩٣٦ استنفدت برامج جميع الأحزاب ما عدا برنامج الآخذين بمبدئه.

محمود العمري

<<  <  ج:
ص:  >  >>