للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبلاغته، وحسن سياسته، وحكمته في تصريف الأمور، ونظام الحرب، ووضع الأساس لحرية الدعوة وحرية العقيدة للأديان السماوية جميعاً، ثم تكلم عن أثر الدعوة المحمدية في النفوس، وصلتها بالقلوب، وكيف فعلت فعلها في الفرد، وشمل سحرها الجماعة، فبدلت الناس غير الناس، والأرض غير الأرض، وما زلنا وما زال العالم في آثار ذلك حتى آخر الدهر.

ولقد أحسن الأستاذ المؤلف كما يقول أستاذنا المراغي إذ تناول السيرة الكريمة من الناحية الخلقية، فإن الناس أحوج ما كانوا في أي عصر من العصور إلى أن يهتدوا بأخلاق محمد، ويقبسوا من نوره. وزاد الأستاذ إحساناً إذ استخلص هذه السيرة الكريمة من الحادثات والوقائع الصحيحة في التاريخ، فلم يرسل القول دعاوى يعوزها البرهان، ويلتمس لها الدليل، بل قرن الرأي بالحجة، وثبت القول بالواقعة، واستدل للحديث بالرواية الصادقة

وإذا كان الشاعر لا يفهمه إلا شاعر كما يقولون، فالرجل لا يقدره إلا رجل كذلك، والأستاذ عزام بك رجل من أهل الجلاد والجهاد، والرأي والعزيمة، وانه ليكبر ذلك في شخصية محمد صلوات الله عليه، ويتخذه مثلاً أعلى للبطولة والرجولة، فلما وقف بقبره أخذ مأسوراً - كما يقول - بهذه البطولة، وتملكه روح لا يزال يشرق من غيابة الماضي، هو روح سيد الرجال، وبطل الأبطال، وبهذه العقيدة تحدث الأستاذ الفاضل عن النبي الكريم، فجاء كتابه صفحة مشرقة بالإعجاب والإشادة ببطولة محمد ورجولته، وما ينقصها إلا الإفاضة والاستيعاب بما يكافئ عظمة السيرة الخالدة، والأستاذ يعترف بذلك ويرجو أن تسعفه الفرصة فيفيض ويستوعب وإنا لمنتظرون.

- ٢ -

أما الكتاب الثاني فكتاب: (صور إسلامية) للأديب عبد الحميد المشهدي، وهو - كما يقول المؤلف الفاضل - أفق من آفاق الحياة المحمدية، وصورها الكثيرة، مازج الحقيقة فيها الخيال، وخالط فيها الفن التاريخ، دون أن يعدو على حقائقه، أو يستر الخيال جمال الحقيقة الرائع، وجلالها الواقع.

قال المؤلف: فما أجريت على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، ولا أخضعت اتجاه التاريخ من أجل طبيعة الأسلوب، وإنما حاولت بقدر المستطاع أن أخضع الفن ليكون

<<  <  ج:
ص:  >  >>