للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن تحية الأمان هذه كانت أول المخلفات من الآداب العامة التي نطق بها بين الإخوان والمريدين

ولما عرفت قيمة هذه الشعائر السلمية، اتبعت تحايا خاصة لكل ظرف ولكل مناسبة مما ساعد على وضع الأمور في نصابها بأقل مشقة، وبأخص طريق، فساد السلام نوعا ما، وأخذت العواطف الإنسانية تقوى (ومن هنا بدأ عهد جديد في تطور البشرية).

فإذا أودعت هذه الشعائر خفايا النسيان، وأسدل عليها ستائر الإهمال كان الغرض استئناف حياة الهمج من جديد.

على إنه لن يكون في استطاعتنا وأدْ الآداب دفعة واحدة وهي التي تكونت على مر الدهور، ولا يمكن أن ينكر أحد أن البشرية نشأت ونمت معها المدنية، فمن تحية الأمان الأولى، نمت سلسلة تحايا خاصة، وأشكال احترام خاصة جمعت الرجال تحت لواء حماية متبادلة، وصداقة مشتركة، فتولدت الحفلات، وحلقات الرقص لتعظيم القوى الطبيعية التي حار العقل البشري في فهمها حينئذ، كالشمس والنجوم، وقدمت الضحايا لآلهة الخوف التي أزعجتهم، كالظلام، والوحوش، والأصوات غير المعهودة لهم، كما أقيمت حفلات تأبين الموتى، وولائم الأفراح، وغير ذلك.

من ذلك نرى، أن الهيئة الاجتماعية حريصة على سلامتها، فهي لذلك أقامت تشريعاً اجتماعياً محدودا واضحا، مبنياً على الأخلاق والعادات، فأصبحت هذه التقاليد تشريعاً أرتآه، وعمل به نفر ممن تفخر بوجودهم في زمرتها الجماعة الإنسانية المثقفة الراقية.

فنحن ملزمون إذن أن نتعلم هذه التقاليد رغبنا أو كرهنا ما دمنا نعيش في جماعات، وننشد مجتمعاً راقياً في حياتنا

مما لا ريب فيه إنه توجد عند كل إنسان رغبة للخير، وإن جانب الخير في الإنسانية توقظه وتظهره الرحمة والآداب والأخلاق الكريمة بوجه عام. كما أن المران على (الأتيكيت) أو الآداب العامة يحتاج إلى أكثر من مجرد استقاء معلومات من معاهد التقاليد الاجتماعية الخاصة بالأخذ والعطاء، والقبول والرفض، والدعوات والولائم، أو عدد البطاقات التي تترك للآخرين بالمناسبات، أو استعمال الألقاب على وجه صحيح في التحدث وللكتابة. فإن التمرن العملي على (الإتيكيت) يجب أن يبني على المبادئ الأولية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>